للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُحْتَرَمَ فِي وُجُوبِ الدَّفْعِ عَنْهُ مَنْزِلَةَ الْآدَمِيِّ الْمَعْصُومِ، وَلَا يُلْحَقُ بِالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ مَعَ الْقَضَاءِ الْمُتَعَدِّي بِفِطْرِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ بَلْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فَقَطْ، وَمَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ مَعَ إمْكَانِهِ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ لَزِمَهُ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ لِأَنَّ سِتَّةً مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَالُوا بِذَلِكَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ وَيَأْثَمُ بِهَذَا التَّأْخِيرِ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيَلْزَمُهُ الْمُدُّ بِدُخُولِ رَمَضَانَ، أَمَّا مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقَضَاءُ لِاسْتِمْرَارِ عُذْرِهِ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ بِهَذَا التَّأْخِيرِ. فَائِدَةٌ: وُجُوبُ الْفِدْيَةِ هُنَا لِلتَّأْخِيرِ وَفِدْيَةُ الشَّيْخِ الْهَرَمِ وَنَحْوِهِ لِأَصْلِ الصَّوْمِ، وَفِدْيَةُ الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ لِتَفْوِيتِ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ، وَيَتَكَرَّرُ الْمُدُّ إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ لِأَنَّ الْحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ لَا تَتَدَاخَلُ، وَلَوْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ مَعَ إمْكَانِهِ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ فَمَاتَ أَخْرَجَ مِنْ تَرِكَتِهِ عَلَى الْجَدِيدِ السَّابِقِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّيْنِ، مُدٌّ لِفَوَاتِ الصَّوْمِ وَمُدٌّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَالٌ، فَلَا فِدْيَةَ فِيهَا؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمْ) تَعْلِيلٌ لِوُجُوبِ الْإِفْطَارِ فِي الْحَيَوَانِ كَالْآدَمِيِّ.

قَوْلُهُ: (بَلْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فَقَطْ) لِعَدَمِ وُرُودِ الْفِدْيَةِ فِيهِ. وَفَارَقَ لُزُومَهَا لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ بِمَا مَرَّ وَبِأَنَّ الْفِدْيَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ بِالْإِثْمِ. بَلْ إنَّمَا هِيَ حِكَمٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الرِّدَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَفْحَشُ مِنْ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ م د. وَفِيهِ أَنَّهُ لَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. وَقَوْلُهُ " اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهَا " أَيْ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ تَارَةً تَكُونُ ظَاهِرَةً كَالْمَشَقَّةِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهَا السَّفَرُ، وَتَارَةً تَكُونُ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ كَمَا هُنَا.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ) مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ، الْأَوَّلُ: كَوْنُهُ قَضَاءَ رَمَضَانَ. الثَّانِي: قَوْلُهُ " مَعَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ " فَأَخَذَ الشَّارِحُ مُحْتَرَزَ الثَّانِي بِقَوْلِهِ " أَمَّا مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَخْ ". وَأَخَذَ مُحْتَرَزَ الْأَوَّلِ فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ: " وَلَا شَيْءَ عَلَى الْهَرَمِ وَالزَّمِنِ إلَخْ " وَالْمُرَادُ أَخَّرَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِحُرْمَةِ التَّأْخِيرِ، بِخِلَافِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْعُلَمَاءِ لِخَفَاءِ ذَلِكَ. وَالْمُرَادُ بِالْجَاهِلِ الْجَاهِلُ بِحُرْمَةِ التَّأْخِيرِ لَا بِالْفِدْيَةِ، فَلَا يُعْذَرُ لِجَهْلِهِ بِهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ عَلِمَ حُرْمَةَ التَّنَحْنُحِ وَجَهِلَ الْبُطْلَانَ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ز ي.

قَوْلُهُ: (مَعَ إمْكَانِهِ) بِأَنْ كَانَ صَحِيحًا مُقِيمًا زَمَنًا يَسَعُ قَضَاءَ مَا عَلَيْهِ، فَإِنْ وَسِعَ بَعْضَهُ لَزِمَهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ لَا مَا زَادَ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ) بِمَنْعِ الصَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ عَلَمٌ لِمَا بَيْنَ شَعْبَانَ وَشَوَّالٍ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ فَيَكُونُ عَلِيمَ جِنْسٍ. وَقَوْلُهُ " آخَرُ " بَدَلٌ لَا صِفَةٌ، فَلَا بُدَّ فِي الْوُجُوبِ مِنْ دُخُولِهِ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ الْقَضَاءِ، كَمَنْ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَأَخَّرَ حَتَّى بَقِيَ لِرَمَضَانَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ عَنْ الْخَمْسَةِ الْمَأْيُوسِ مِنْهَا، أَيْ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ، فَإِنْ دَخَلَ وَجَبَتْ وَحَيْثُ عَلِمْت أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْوُجُوبِ عَلِمْت أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَمَا سَيَأْتِي مِنْ جَوَازِ تَعْجِيلِ فِدْيَةِ التَّأْخِيرِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ ق ل وم ر.

قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) أَيْ إنْ كَانَ حُرًّا، أَمَّا الْقِنُّ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ م ر. وَهَذَا، أَيْ قَوْلُهُ " وَإِنْ أَيِسَ إلَخْ " مَحَلُّهُ فِي الْحَيِّ كَمَا فِي م ر، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: وَلَوْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ، إلَى قَوْلِهِ: فَمَاتَ؛ فَإِنَّ كَلَامَهُ فِيمَا يَأْتِي فِي الْمَيِّتِ وَمَا هُنَا فِي الْحَيِّ. أَمَّا مَنْ مَاتَ وَقَدْ أَيِسَ مِنْ الْقَضَاءِ وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهُ لَمَّا أَيِسَ مِنْ قَضَائِهِ قَبْلَ رَمَضَانَ، فَفِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ يُخْرِجُ لِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ أَمْدَادَ الْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ الْمَأْيُوسِ مِنْ قَضَائِهَا. قَوْلُهُ: (لِاسْتِمْرَارِ عُذْرِهِ) كَأَنْ اسْتَمَرَّ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا إلَى قَابِلٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالتَّأْخِيرِ مَا دَامَ الْعُذْرُ بَاقِيًا، وَإِنْ اسْتَمَرَّ سِنِينَ؛ شَرْحُ م ر. وَفِي ذِكْرِ ق ل الْإِعْسَارَ وَالرِّقَّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ لَا فِي تَأْخِيرِ إخْرَاجِ الْمُدِّ. فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ بِهَذَا التَّأْخِيرِ) وَإِنْ اسْتَمَرَّ سِنِينَ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْأَدَاءِ بِالْعُذْرِ جَائِزٌ فَتَأْخِيرُ الْقَضَاءِ بِهِ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (لِلتَّأْخِيرِ) أَيْ وَإِنْ صَامَ.

قَوْلُهُ: (لِأَصْلِ الصَّوْمِ) فَإِنْ تَكَلَّفَ وَصَامَ فَلَا فِدْيَةَ.

قَوْلُهُ: (وَيَتَكَرَّرُ الْمُدُّ) أَيْ فِي التَّأْخِيرِ، وَقَوْلُهُ " بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ " أَيْ إنْ تَمَكَّنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَلَمْ يَصُمْ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ؛ أَيْ إذَا أَخَّرَ الْقَضَاءَ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>