للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلتَّأْخِيرِ وَعَلَى الْقَدِيمِ وَهُوَ صَوْمُ الْوَلِيِّ إذَا صَامَ حَصَلَ تَدَارُكُ أَصْلِ الصَّوْمِ وَوَجَبَ فِدْيَةٌ لِلتَّأْخِيرِ. .

(وَالْكَفَّارَةُ) أَنْ تُخْرِجَ (عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا وَهُوَ) كَمَا سَبَقَ رَطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْعِرَاقِيِّ أَيْ الْبَغْدَادِيِّ وَبِالْكَيْلِ نِصْفُ قَدَحٍ بِالْمِصْرِيِّ، وَمَصْرِفُ الْفِدْيَةِ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ فَقَطْ دُونَ بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَارَّةِ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] وَالْفَقِيرُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ، فَإِذَا جَازَ صَرْفُهَا إلَى الْمِسْكِينِ فَالْفَقِيرُ أَوْلَى، وَلَا يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ مِنْ الْفِدْيَةِ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، فَالْأَمْدَادُ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَّارَاتِ بِخِلَافِ الْمُدِّ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى شَخْصَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ فِدْيَةٌ تَامَّةٌ، وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى صَرْفَ الْفِدْيَةِ إلَى الْوَاحِدِ فَلَا يَنْقُصُ عَنْهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ امْتِنَاعُ صَرْفِ فَدِيَتَيْنِ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ، كَمَا لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَأْخُذَ الْوَاحِدُ مِنْ زَكَوَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ.

وَجِنْسُ الْفِدْيَةِ جِنْسُ الْفِطْرَةِ وَنَوْعُهَا وَصِفَتُهَا وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ. وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُدِّ الَّذِي نُوجِبُهُ هُنَا فِي الْكَفَّارَاتِ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ قُوتِهِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَكَذَا عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ.

تَنْبِيهٌ: تَعْجِيلُ فِدْيَةِ التَّأْخِيرِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي لِيُؤَخِّرَ الْقَضَاءَ مَعَ الْإِمْكَانِ جَائِزٌ فِي الْأَصَحِّ كَتَعْجِيلِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ الْمُحَرَّمِ وَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْهَرَمِ وَلَا الزَّمِنِ وَلَا مَنْ اشْتَدَّتْ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ لِتَأْخِيرِ الْفِدْيَةِ إذَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

نِسْيَانًا لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ. اهـ. م د. وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ الشَّارِحُ هَذَا عَلَى الْفَائِدَةِ لِتَعَلُّقِهِ بِمَا قَبْلَهَا.

قَوْلُهُ: (حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ. قَالَ م ر: وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ مَتَى تَحَقَّقَ الْفَوَاتُ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ رَمَضَانُ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَمَاتَ لِبَوَاقِي خَمْسٍ مِنْ شَعْبَانَ لَزِمَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا عَشَرَةٌ لِأَجْلِ الصَّوْمِ وَخَمْسَةٌ لِلتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا قَضَاءُ خَمْسَةٍ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ لُزُومُ الْفِدْيَةِ حَالًّا عَمَّا لَا يَسَعُهُ، وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيّ. وَفَرَّقَ بَيْنَ صُورَةِ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ بِأَنَّ الْأَزْمِنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ يُقَدَّرُ حُضُورُهَا بِالْمَوْتِ كَمَا يَحِلُّ الْأَجَلُ بِهِ، وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي الْحَيِّ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَعْجِيلِ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ فِي حَقِّهِ اهـ بِالْحَرْفِ.

قَوْلُهُ: (وَوَجَبَ فِدْيَةٌ لِلتَّأْخِيرِ) وَلَا يُجْزِئُ الصَّوْمُ عَنْ مُدِّ التَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَالْكَفَّارَةُ) أَيْ الْفِدْيَةُ. فَ " الـ " لِلْعَهْدِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْكَفَّارَةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يُخْرَجَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَلَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْأَوْلَادِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْعَقِيقَةِ لِأَنَّهَا فِدَاءٌ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ.

قَوْلُهُ: (دُونَ بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ) أَيْ فَلَا يُعْطَوْنَ بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ غَيْرَ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ بِالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ اعْتِرَاضِ ق ل. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ) فَيُقَاسُ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ فَيَجُوزُ، بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ.

قَوْلُهُ: (إلَى شَخْصَيْنِ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمُدُّ لَازِمًا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ، أَمَّا إذَا لَزِمَ أَكْثَرَ مِنْ شَخْصٍ كَأَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ يَوْمٌ وَاحِدٌ وَخَلَفَ وَلَدَيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَدْفَعَ وَاجِبَهُ لِمَنْ أَرَادَ مِنْ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَنْقُصُ) أَيْ الْوَاحِدُ عَنْهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ إيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى صَرْفَ الْفِدْيَةِ لِوَاحِدٍ.

قَوْلُهُ: (نُوجِبُهُ) أَيْ نُوجِبُ إخْرَاجَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَقِرٌّ فِي ذِمَّةِ الْفَقِيرِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (عَلَى قُوتِهِ) أَيْ عَنْ قُوتِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْقَفَّالِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: قَالَ الْقَفَّالُ: وَيُعْتَبَرُ فَضْلُهَا عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ.

قَوْلُهُ: (لِيُؤَخِّرَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَعْجِيلُ. قَوْلُهُ: (الْمُحَرَّمِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، فَلَوْ أَطْلَقَ الْحِنْثَ لَكَانَ أَوْلَى سَوَاءٌ كَانَ جَائِزًا أَوْ وَاجِبًا، أَوْ مُحَرَّمًا كَأَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ أَوْ لَا يُصَلِّي الْفَرْضَ أَوْ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ، فَإِنَّ حِنْثَهُ بِشُرْبِهِ حَرَامٌ وَمَعَ ذَلِكَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ إذَا أَرَادَ الْحِنْثَ بِالشُّرْبِ، وَحِينَئِذٍ فَالْجَامِعُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا فِي الْحِنْثِ حُرْمَةُ السَّبَبِ، فَهُنَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ لِلْفِدْيَةِ وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ وَفِي الْيَمِينِ يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>