للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَخَّرُوهَا عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى، وَلَيْسَ لَهُمْ وَلَا لِلْحَامِلِ وَلَا لِلْمُرْضِعِ تَعْجِيلُ فِدْيَةِ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ، كَمَا لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ لِعَامَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَجَّلَ مَنْ ذُكِرَ فِدْيَةَ يَوْمٍ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ. .

(وَالْمَرِيضُ) ، وَإِنْ تَعَدَّى بِسَبَبِهِ (وَالْمُسَافِرُ) سَفَرًا طَوِيلًا مُبَاحًا (يُفْطِرَانِ) بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ (وَيَقْضِيَانِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: ١٨٤] أَيْ فَأَفْطَرَ {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] وَلَا بُدَّ فِي فِطْرِ الْمَرِيضِ مِنْ مَشَقَّةٍ تُبِيحُ لَهُ التَّيَمُّمَ، فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ أَوْ ذَهَابَ مَنْفَعَةِ عُضْوٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفِطْرُ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] وَقَالَ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَرَضُ مُطْبِقًا فَلَهُ تَرْكُ النِّيَّةِ، أَوْ مُتَقَطِّعًا كَأَنْ كَانَ يُحَمُّ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ نَظَرَ إنْ كَانَ مَحْمُومًا وَقْتَ الشُّرُوعِ جَازَ لَهُ تَرْكُ النِّيَّةِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ، فَإِنْ عَادَ الْمَرَضُ وَاحْتَاجَ إلَى الْإِفْطَارِ أَفْطَرَ، وَلِمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْجُوعُ أَوْ الْعَطَشُ حُكْمُ الْمَرِيضِ. وَأَمَّا الْمُسَافِرُ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ فَيَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَعْجِيلُ الْكَفَّارَةِ مَعَ حُرْمَةِ الْحِنْثِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ مَثَلًا. اهـ. م د. وَلَعَلَّهُ قَيَّدَ بِالْمُحَرَّمِ لِيَجْتَمِعَا فِي تَمَامِ التَّشْبِيهِ لِيَكُونَ السَّبَبُ حَرَامًا فِيهِمَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا شَيْءَ عَلَى الْهَرَمِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: " قَضَاءُ رَمَضَانَ ".

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُمْ) أَيْ لِلْهَرَمِ وَالزَّمِنِ وَمَنْ اشْتَدَّتْ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (تَعْجِيلُ فِدْيَةِ يَوْمَيْنِ) وَلَا فِدْيَةِ يَوْمٍ غَيْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ جَائِزٌ) وَلَوْ فِي أَوَّلِ لَيْلَتِهِ، بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَالْمَرِيضُ إلَخْ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَفْهُومِ مَا تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُمَا عَاجِزَانِ شَرْعًا وَإِنْ كَانَا قَادِرَيْنِ حِسًّا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَعَدَّى بِسَبَبِهِ) كَأَنْ فَعَلَ مَا نَشَأَ عَنْهُ الْمَرَضُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَرَضُ سَابِقًا عَلَى الصَّوْمِ أَوْ بِالْعَكْسِ. وَقَوْلُهُ " وَالْمُسَافِرُ " أَيْ إذَا كَانَ السَّفَرُ سَابِقًا عَلَى الصَّوْمِ بِأَنْ سَافَرَ قَبْلَ الْفَجْرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَبَقَ الصَّوْمُ ثُمَّ سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ فَلَا يَجُوزُ الْفِطْرُ فِي هَذَا النَّهَارِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ.

قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ) شَرْطٌ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ فِي فِطْرِ الْمَرِيضِ) أَيْ فِي جَوَازِ فِطْرِهِ عَلَى طَرِيقَةِ شَيْخِنَا م ر. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ. وَقَالَ شَيْخُنَا ز ي: أَنَّ الْمَرَضَ الَّذِي يُبِيحُ التَّيَمُّمَ يُوجِبُ الْفِطْرَ وَمَا دُونَهُ حَيْثُ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً يُجَوِّزُهُ ق ل. وَقَوْلُهُ " يُوجِبُ الْفِطْرَ " ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُجَوِّزُهُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ مَشَقَّةٍ) أَيْ غَيْرِ خَوْفِ الْهَلَاكِ وَذَهَابِ مَنْفَعَةِ الْعُضْوِ الْآتِيَيْنِ كَبُطْءِ الْبُرْءِ، إذْ هَذَا فِي جَوَازِ الْفِطْرِ؛ وَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ خَافَ إلَخْ فِي وُجُوبِ الْفِطْرِ، فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ فِطْرَ الْمَرِيضِ تَارَةً يَكُونُ جَائِزًا وَتَارَةً يَكُونُ وَاجِبًا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَجَبَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ، فَانْدَفَعَ مَا فِي الْمُحَشِّي.

قَوْلُهُ: (يُحَمُّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. وَمِمَّا جُرِّبَ لَهَا أَنْ يُكْتَبَ فِي وَرَقَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ ابْرَاسُومَا {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: ٤٣] . {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} [الأنفال: ٦٦] . {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: ١٧٨] . {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: ٢٨] . {وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨] . لَا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُك يَا اللَّهُ شِفَاءً لَا يُغَادِرُهُ سَقَمٌ " وَيُبَخَّرُ بِهَا، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ. قَوْلُهُ: (وَقْتَ الشُّرُوعِ) أَيْ وَقْتَ صِحَّةِ النِّيَّةِ ق ل. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: قُبَيْلَ الْفَجْرِ اهـ. فَالْمُرَادُ بِهِ قُبَيْلَ الْفَجْرِ الَّذِي هُوَ وَقْتُ النِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (حُكْمُ الْمَرِيضِ) أَيْ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ أَوْ وُجُوبِهِ. وَهَذَا يَجْرِي فِي نَحْوِ الْحَصَّادِينَ، فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ إنْ لَحِقَتْهُمْ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ أَفْطَرُوا وَإِلَّا فَلَا. فَائِدَةٌ: الَّذِينَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِمْسَاكُ مَنْ أَفْطَرَ تَعَدِّيًا بِالْأَكْلِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ جَامَعَ أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ لَيْلًا أَوْ أَصْبَحَ يَوْمَ الشَّكِّ مُفْطِرًا ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ مُفْطِرًا أَوْ الْمَجْنُونُ إذَا أَفَاقَ أَوْ الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ إذَا أَسْلَمَ أَوْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ أَوْ الْمَرِيضُ أَوْ الْمُسَافِرُ أَوْ الْحَامِلُ أَوْ الْمُرْضِعُ فَهَؤُلَاءِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِمْسَاكُ؛ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْإِمْسَاكُ وَالْإِمْسَاكُ مِنْ خَوَاصِّ رَمَضَانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>