للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَرَجَ لِغَيْرِ تَبَرُّزٍ وَعَادَ جَدَّدَ النِّيَّةَ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ لِقَطْعِهِ الِاعْتِكَافَ بِخِلَافِ خُرُوجِهِ لِلتَّبَرُّزِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا، وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى عِنْدَ النِّيَّةِ، لَا إنْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فَخَرَجَ لِعُذْرٍ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَلَا يَلْزَمُهُ تَجْدِيدٌ سَوَاءٌ أَخْرَجَ لِتَبَرُّزٍ أَمْ لِغَيْرِهِ.

(وَ) الثَّانِي (اللُّبْثُ) بِقَدْرِ مَا يُسَمَّى عُكُوفًا أَيْ إقَامَةً، بِحَيْثُ يَكُونُ زَمَنُهَا فَوْقَ زَمَنِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَكْفِي قَدْرُهَا وَلَا يَجِبُ السُّكُونُ بَلْ يَكْفِي التَّرَدُّدُ فِيهِ.

وَأَشَارَ إلَى الرُّكْنِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (فِي الْمَسْجِدِ) فَلَا يَصِحُّ فِي غَيْرِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِلْإِجْمَاعِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] وَالْجَامِعُ أَوْلَى مِنْ بَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ لِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ، وَلِئَلَّا يَحْتَاجَ إلَى الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، بَلْ لَوْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فِيهَا يَوْمَ جُمُعَةٍ وَكَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْخُرُوجَ لَهَا وَجَبَ الْجَامِعُ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لَهَا يَبْطُلُ تَتَابُعُهُ، وَلَوْ عَيَّنَ النَّاذِرُ فِي نَذْرِهِ مَسْجِدَ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةَ أَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَيَّدَ بِمُدَّةٍ) أَيْ غَيْرِ مُتَتَابِعَةٍ، أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ (جَدَّدَ النِّيَّةَ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْعَوْدِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِتَجْدِيدِهَا كَمَا مَرَّ فَاحْفَظْهُ م د وح ف. قَوْلُهُ: (لَقَطَعَهُ الِاعْتِكَافُ) أَيْ لَا يَكُونُ زَمَنُهُ مَحْسُوبًا مِنْ زَمَنِ الِاعْتِكَافِ ح ل وح ف. قَوْلُهُ: (وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ) أَيْ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي التَّبَرُّزِ. قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَثْنَى عِنْدَ النِّيَّةَ) فَكَأَنَّهُ قَالَ نَوَيْت اعْتِكَافَ هَذَا الْيَوْمِ إلَّا أَنِّي أَخْرُجَ فِيهِ لِلتَّبَرُّزِ. قَوْلُهُ: (لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ) كَأَكْلٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ وَمَرَضٍ وَحَيْضٍ، بِخِلَافِ الْقَاطِعِ كَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ فَيَسْتَأْنِفُ النِّيَّةَ. اهـ. ز ي.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَلْزَمُهُ تَجْدِيدٌ) لِشُمُولِ النِّيَّةِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ مَعَ كَوْنِهِ مُعْتَكِفًا حُكْمًا فِي زَمَنِ الْخُرُوجِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (بَلْ يَكْفِي التَّرَدُّدُ) فَالشَّرْطُ إمَّا السُّكُونُ أَوْ التَّرَدُّدُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْمُرُورِ فَلَا يَكْفِي، قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ: وَيَنْدُبُ لِلْمَارِّ أَنْ يَنْوِيَهُ أَيْ الِاعْتِكَافَ وَيَقِفُ وَقْفَةً تَزِيدُ عَلَى أَقَلِّ طُمَأْنِينَةِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ نَوَاهُ وَلَمْ يَقِفْ أَوْ وَقَفَ قَدْرَهَا أَوْ دُونَهَا لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ. وَفِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ الرَّحْمَانِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ: قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا بُدَّ مِنْ إيقَاعِهَا حَالَ الِاسْتِقْرَارِ فَلَا يَكْفِي حَالُ الْمُرُورِ حَتَّى يَسْتَقِرَّ.

قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ الْمَعْلُومِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْجِدِ) وَلَوْ ظَنًّا بِالِاجْتِهَادِ أَيْ فِيمَا إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَوْضِعَانِ: أَحَدُهُمَا مَسْجِدُ بِيَقِينٍ وَمِنْ الْمَسْجِدِ رَحْبَتُهُ الْقَدِيمَةِ وَرَوْشَنٍ مُتَّصِلٍ بِجِدَارِهِ وَهَوَائِهِ وَغُصْنِ شَجَرَةٍ أَصْلُهَا فِيهِ مُطْلَقًا، أَيْ وَإِنْ كَانَ الْغُصْنُ خَارِجَهُ كَمَا قَالَ ق ل وع ش، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي وُقُوفِ عَرَفَةَ وَرَحْبَتِهِ مَا حَوَّطَ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولُهَا فِي وَقْفِهِ سَوَاءٌ أَفَصَلَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ عِنْدَ حُدُوثِهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَمْ لَا. وَأَمَّا حَرِيمُهُ فَهُوَ مَا هُيِّئَ لِإِلْقَاءِ نَحْوِ قُمَامَاتِهِ وَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ. وَلَيْسَ لَنَا عِبَادَةٌ يَتَوَقَّفُ فِعْلُهَا عَلَى الْمَسْجِدِيَّةِ إلَّا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ، أَعْنِي الِاعْتِكَافَ وَالطَّوَافَ وَالتَّحِيَّةَ وَمِثْلُهَا الْمَنْذُورَةُ فِيهِ؛ إلَّا أَنَّ الطَّوَافَ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَسْجِدٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامِ اهـ.

قَوْلُهُ: (لِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ إلَخْ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ) أَيْ الْجَامِعَ وَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْجَامِعُ) أَيْ فَإِنَّ صَلَاتَهُ، فَلَوْ اعْتَكَفَ فِي غَيْرِهِ صَحَّ الِاعْتِكَافُ وَإِنْ أَثِمَ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْجَمَاعَةَ فَصَلَّى مُنْفَرِدًا لِأَجْلِ الْجُمُعَةِ تَصِحُّ وَإِنْ أَثِمَ بِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ. قَوْلُهُ: (مَسْجِدَ مَكَّةَ) الْمُرَادُ بِهِ الْكَعْبَةُ وَالْمَسْجِدُ حَوْلَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، حَتَّى لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا فِيهَا أَجْزَأَهُ الْمَسْجِدُ حَوْلَهَا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ حَوْلَهَا جَمِيعُ الْمَسْجِدِ وَإِنْ اتَّسَعَ، وَإِدْخَالُ الْكَعْبَةَ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِبِنَاءِ الْمَلَائِكَةِ لَهَا قَبْلَ آدَمَ وَحُدُوثِ الْمَسْجِدِ بَعْدَهَا، وَنَذَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>