مِنْهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ نِيَّةِ الْكَافِرِ وَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَحُرْمَةِ مُكْثِ مَنْ بِهِ حَدَثٌ أَكْبَرُ بِالْمَسْجِدِ.
(وَلَا يَخْرُجُ مِنْ) الْمَسْجِدِ فِي (الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ) وَلَوْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِمُدَّةٍ وَلَا تَتَابُعَ (إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ) مِنْ بَوْلٍ وَغَائِطٍ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا كَغُسْلٍ مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَا يَضُرُّ ذَهَابُهُ لِتَبَرُّزِهِ بِدَارٍ لَهُ لَمْ يَفْحُشْ بُعْدُهَا عَنْ الْمَسْجِدِ وَلَا لَهُ دَارٌ أُخْرَى أَقْرَبُ مِنْهَا أَوْ فُحْشٌ وَلَمْ يَجِدْ بِطَرِيقِهِ مَكَانًا لَائِقًا بِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِهِ، فَلَا يَجِبُ تَبَرُّزُهُ فِي غَيْرِ دَارِهِ كَسِقَايَةِ الْمَسْجِدِ وَدَارِ صِدِّيقِهِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ لِلْمَشَقَّةِ فِي الْأُولَى وَالْمِنَّةِ فِي الثَّانِي. أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ أُخْرَى أَقْرَبُ مِنْهَا أَوْ فُحْشٌ بَعْدَهَا وَوَجَدَ بِطَرِيقِهِ مَكَانًا لَائِقًا بِهِ فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِذَلِكَ لِاغْتِنَائِهِ بِالْأَقْرَبِ فِي الْأُولَى، وَاحْتِمَالُ أَنْ يَأْتِيَهُ الْبَوْلُ فِي رُجُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَيَبْقَى طُولَ يَوْمِهِ فِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَحُرْمَةُ مُكْثِ) هَذِهِ حُرْمَةٌ لِذَاتِ الْمُكْثِ، وَخَرَجَ بِهَا الْحُرْمَةُ لِخَارِجٍ كَاعْتِكَافِ امْرَأَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ حَلِيلِهَا وَرَقِيقٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَمَنْ بِهِ جِرَاحَةُ نَضَّاحَةٌ يَتَنَجَّسُ مِنْهَا الْمَسْجِدُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهُوَ صَحِيحٌ، نَعَمْ لَا حُرْمَةَ عَلَى مُكَاتَبٍ لَمْ يَفُتْ بِاعْتِكَافِهِ كَسْبٌ وَلَا عَلَى زَوْجَةٍ فِي غَيْرِ زَمَنِ تَمَتُّعٍ بِأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مُحْرِمًا أَوْ مُعْتَكِفًا كَمَا قَالَهُ ق ل، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيمَنْ بِهِ جِرَاحَةٌ نَضَّاحَةٌ عَدَمُ صِحَّةِ اعْتِكَافِهِ لِأَنَّهُ كَالْحَائِضِ م د. وَنَفْيُ الْحُرْمَةِ عَنْ الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَ الْخُرُوجُ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا مُشْكِلٌ، وَعِبَارَةُ م ر: وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ عَدَمُ صِحَّةِ اعْتِكَافِ كُلُّ مَنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ كَذِي جُرْحٍ وَقُرُوحٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَنَحْوِهَا حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُ الْمَسْجِدِ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ مَوْضِعُ نَظَرٍ اهـ وَفِي م د عَلَى التَّحْرِيرِ. وَيَصِحُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ كَرِهَ لِذَوَاتِ الْهَيْئَةِ، وَحَرُمَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدٍ فِي الرَّقِيقِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَزَوْجٌ. نَعَمْ إنْ لَمْ تَفُتْ بِهِ مَنْفَعَةٌ كَأَنْ حَضَرَا الْمَسْجِدَ بِإِذْنِهِمَا فَنَوَيَاهُ جَازَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيّ. وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَكِفَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فِي الْأَصَحِّ، لَكِنْ إنْ عَجَزَ عَنْ مُؤْنَتِهِ فَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ. وَعِبَارَةُ م ر: لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَكِفَ بِلَا إذْنٍ إنْ أَمْكَنَ كَسْبُهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ لَا يَخْلُ بِهِ أَيْ بِكَسْبِهِ بِأَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلًا، وَالْمُبَعَّضُ كَالْقِنِّ إنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً فَإِنْ كَانَتْ فَهُوَ فِي نَوْبَتِهِ كَالْحُرِّ وَفِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَالْقِنِّ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِمُدَّةٍ) هَذَا التَّعْمِيمُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ ق ل، لِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بَيَانُ مَا يَقْطَعُ التَّتَابُعُ وَمَا لَا يَقْطَعُهُ، فَكَلَامُهُ مُقَيَّدٌ بِالْمُدَّةِ وَالتَّتَابُعِ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَ، أَعْنِي الَّذِي لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةٍ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ لَحْظَةٌ وَالْمُقَيَّدُ بِمُدَّةٍ مِنْ غَيْرِ تَتَابُعٍ، كَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ مُطْلَقًا كَأَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَأَمَّا إذَا نَذَرَ شَهْرًا مُعَيَّنًا فَهُوَ كَالْمَشْرُوطِ تَتَابُعُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمُحَشِّي. وَأَجَابَ الْمَرْحُومِيُّ نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ ع ش عَنْ التَّعْمِيمِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الِاعْتِكَافِ الْمُطْلَقِ، أَعْنِي الَّذِي لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةٍ وَلَا تَتَابُعَ مَعَ قَصْدِ بَقَائِهِ عَلَى اعْتِكَافِهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْقَطِعُ بِخُرُوجِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ بَوْلٍ) وَإِنْ كَثُرَ خُرُوجُهُ لِذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَصِلَ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ اهـ م ر. وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ " مِنْ بَوْلٍ إلَخْ " قَيَّدَ الْحَاجَةَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ، وَمِنْهَا مَا شَرَطَ فِي نَذْرِهِ الْخُرُوجَ لَهُ مِنْ عَارِضٍ مَقْصُودٍ مُبَاحٍ غَيْرِ مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ كَصَلَاةِ جِنَازَةٍ وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ، وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ: (وَغَائِطٍ) أَيْ وَرِيحٍ.
قَوْلُهُ: (وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ تَفْسِيرِ الْحَاجَةِ، فَيَشْمَلُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَنَحْوَهُمَا. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَعْنَى حَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَأَنَّ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ هِيَ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْحَاجَةُ الْمَعْهُودَةُ، وَيَكُونُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا " إلَى أَنَّ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ لَيْسَتْ قَيْدًا.
قَوْلُهُ: (وَلَا لَهُ دَارٌ) أَيْ أَوْ فُحْشٌ وَلَا لَهُ دَارٌ أُخْرَى إلَخْ. قَوْلُهُ (أَوْ فُحْشٌ وَلَمْ يَجِدْ) كَانَ الْأَقْعَدُ أَنْ يُقَدِّمَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا لَهُ دَارٌ أُخْرَى وَيَكُونُ نَظْمُ الْعِبَارَةِ: أَوْ فُحْشٌ وَلَمْ يَجِدْ مَكَانًا لَائِقًا بِهِ وَلَا لَهُ دَارٌ أُخْرَى أَقْرَبُ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّارَ الْفَاحِشَةَ مُغْتَفِرَةٌ بِشَرْطِ نَفْيِ أَمْرَيْنِ.
قَوْلُهُ: (كَسِقَايَةِ الْمَسْجِدِ) أَيْ إنْ كَانَ يَحْتَشِمُ مِنْ ذَلِكَ. وَالْمُرَادُ بِالسِّقَايَةِ هُنَا الْمَحَلُّ الْمُعَدُّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ، وَهُوَ مَا فِيهِ الْمِيضَأَةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ لَا مَوْضِعُ الِاسْتِقَاءِ أَيْ الشُّرْبِ، وَهَذَا اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ وَإِلَّا فَفِي الْمِصْبَاحِ: السِّقَايَةُ بِالْكَسْرِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُتَّخَذُ لِسَقْيِ النَّاسِ. قَوْلُهُ (لِاغْتِنَائِهِ بِالْأَقْرَبِ) أَيْ وَاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِيَهُ الْبَوْلُ، وَقَوْلُهُ " وَاحْتِمَالُ إلَخْ " فِي الثَّانِيَةِ أَيْ وَلِاغْتِنَائِهِ بِاللَّائِقِ، فَقَدْ حُذِفَ مِنْ كُلِّ مَا أَثْبَتَهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute