للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ، وَلَا يُكَلِّفُ فِي خُرُوجِهِ لِذَلِكَ الْإِسْرَاعِ بَلْ يَمْشِي عَلَى سَجِيَّتِهِ الْمَعْهُودَةِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ وَاسْتَنْجَى فَلَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ يَقَعُ تَابِعًا لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ لَهُ مَعَ إمْكَانِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَجُوزُ. وَضَبَطَ الْبَغَوِيّ الْفُحْشَ بِأَنْ يَذْهَبَ أَكْثَرُ الْوَقْتِ فِي التَّبَرُّزِ إلَى الدَّارِ، وَلَوْ عَادَ مَرِيضًا فِي طَرِيقِهِ أَوْ زَارَ قَادِمًا فِي طَرِيقِهِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ لَمْ يَضُرَّ مَا لَمْ يَعْدِلْ عَنْ طَرِيقِهِ وَلَمْ يَطُلْ وُقُوفُهُ، فَإِنْ طَالَ أَوْ عَدَلَ انْقَطَعَ بِذَلِكَ تَتَابُعُهُ. وَلَوْ صَلَّى فِي طَرِيقِهِ عَلَى جِنَازَةٍ فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِرْهَا وَلَمْ يَعْدِلْ إلَيْهَا عَنْ طَرِيقِهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِخُرُوجِهِ بِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ لِاعْتِكَافِهِ وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ (أَوْ عُذْرٍ مِنْ حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ إنْ طَالَتْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ بِأَنْ كَانَتْ لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا، أَوْ جَنَابَةٍ مِنْ احْتِلَامٍ لِتَحْرِيمِ الْمُكْثِ فِيهِ حِينَئِذٍ (أَوْ) عُذْرِ (مَرَضٍ) وَلَوْ جُنُونًا أَوْ إغْمَاءً (لَا يُمْكِنُ الْمَقَامُ مَعَهُ) أَيْ يَشُقُّ مَعَهُ الْمَقَامُ فِي الْمَسْجِدِ لِحَاجَةِ فُرُشٍ وَخَادِمٍ وَتَرَدُّدِ طَبِيبٍ، أَوْ يَخَافُ مِنْهُ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ كَإِسْهَالٍ وَإِدْرَارِ بَوْلٍ، بِخِلَافِ مَرَضٍ لَا يُحْوِجُ إلَى الْخُرُوجِ كَصُدَاعٍ وَحُمَّى خَفِيفَةٍ فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِالْخُرُوجِ لَهُ. وَفِي مَعْنَى الْمَرَضِ الْخَوْفُ مِنْ لِصٍّ أَوْ حَرِيقٍ، وَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِخُرُوجِ مُؤَذِّنٍ رَاتِبٍ إلَى مَنَارَةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنْ الْمَسْجِدِ قَرِيبَةٍ مِنْهُ لِلْأَذَانِ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ لَهُ مَعْدُودَةٌ مِنْ تَوَابِعِهِ، وَقَدْ اعْتَادَ الرَّاتِبُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْآخَرِ فَهُوَ احْتِبَاكٌ. قَوْلُهُ: (لِذَلِكَ) أَيْ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ.

قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّبَرُّزِ. قَوْلُهُ (بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ لَهُ) أَيْ لِلْوُضُوءِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْقَطِعُ بِهِ التَّتَابُعُ.

قَوْلُهُ: (أَكْثَرُ الْوَقْتِ) أَيْ الْمَنْذُورِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِكُلِّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ، وَذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بِتَمَامِهَا كَمَا قَالَهُ ز ي وع ش، فَإِذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ الْمَنْذُورَةُ شَهْرًا وَكَانَ يَخْرُجُ كُلَّ يَوْمٍ لِلتَّبَرُّزِ لِدَارِهِ فَلَمَّا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَجُمِعَتْ الْأَزْمِنَةُ الَّتِي كَانَ يَخْرُجُ فِيهَا كُلَّ يَوْمٍ لِلتَّبَرُّزِ فَوُجِدَتْ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ كَانَ هَذَا فُحْشًا وَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَقَلَّ كَانَ هَذَا غَيْرُ فُحْشٍ فَلَا يَضُرُّ؛ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.

قَوْلُهُ: (فِي التَّبَرُّزِ إلَى الدَّارِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فِي التَّرَدُّدِ إلَى الدَّارِ؛ وَهِيَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَادَ مَرِيضًا) صَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخُرُوجَ ابْتِدَاءٌ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَمِثْلُهُ الْخُرُوجُ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، ابْنُ شَرَفٍ عَلَى التَّحْرِيرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ طَالَ) بِأَنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، أَيْ أَقَلُّ مُجْزِئٍ مِنْهَا، أَمَّا قَدْرُهَا فَمُحْتَمِلٌ لِجَمِيعِ الْأَغْرَاضِ، مَرْحُومِيٌّ وَح ل وَح ف.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ كَانَتْ لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا) بِأَنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَيُوَجِّهُ بِأَنَّهُ مَتَى زَادَ زَمَنُ الِاعْتِكَافِ عَلَى أَقَلِّ الطُّهْرِ كَانَتْ مُعْرِضَةً لِطُرُوقِ الْحَيْضِ فَعَذَرَتْ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ غَالِبَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَالِبَ قَدْ يَخْتَلِفُ اهـ شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا. وَيَجِبُ الْعَوْدُ فَوْرًا بَعْدَ فَرَاغِ كُلِّ عُذْرٍ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعُ وَإِلَّا بَطَلَ التَّتَابُعُ ق ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ جَنَابَةٍ) أَيْ غَيْرُ مُفْطِرَةٍ كَمَا يَأْتِي، كَأَنْ حَصَلَتْ بِاحْتِلَامٍ أَوْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ. أَمَّا الْمُفْطِرَةُ فَتَقْطَعُ التَّتَابُعَ.

قَوْلُهُ: (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ عُذْرُ مَرَضٍ إلَخْ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ، فَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ حُسِبَ زَمَنُ الْمَرَضِ أَوْ الْإِغْمَاءِ دُونَ الْجُنُونِ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ. قَوْلُهُ (رَاتِبٌ) وَكَذَا نَائِبُهُ.

قَوْلُهُ: (إلَى مَنَارَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَجَمْعُهَا مَنَاوِرَ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهَا مِنْ النَّوْرِ، وَيَجُوزُ مَنَائِرُ بِالْهَمْزِ تَشْبِيهًا لِلْأَصْلِيِّ بِالزَّائِدِ كَمَا هَمَزُوا مَصَائِبَ مَعَ أَنَّ أَصْلَهُ مَصَاوِبُ، وَمَا نُقِلَ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ غَلَطٌ يَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُهُ فَقَدْ قُرِئَ " مَعَائِشَ " بِالْهَمْزِ، شَرْحُ عب. وَقَوْلُهُ " وَهُوَ الْقِيَاس " لِأَنَّ حَرْفَ الْمَدِّ إذَا وَقَعَ ثَالِثًا فِي الْمُفْرَدِ وَكَانَ أَصْلِيًّا يُصَحَّحُ وَلَا يُبَدَّلُ هَمْزًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ زَائِدًا فَإِنَّهُ يُبَدَّلُ هَمْزًا. قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

وَالْمَدُّ زِيدَ ثَالِثًا فِي الْوَاحِدِ ... هَمْزًا يُرَى فِي مِثْلِ كَالْقَلَائِدِ

وَمَنَارَةٍ أَصْلُهَا مَنْوَرَةٌ بِوَزْنِ مِفْعَلَةٌ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْوَاوِ إلَى النُّونِ، ثُمَّ قِيلَ تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ سَابِقًا وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا الْآنَ فَقُلِبَتْ أَلِفًا فَصَارَ مَنَارَةً، وَمِثْلُهَا مَعِيشَةٌ فَيُقَالُ: مُنَاوِرُ وَمَعَايِشُ، بِالْوَاوِ فِي الْأَوَّلِ وَبِالْيَاءِ فِي الثَّانِي. وَأَمَّا قِرَاءَةُ " مَعَائِشَ " بِالْهَمْزِ فَشَاذَّةٌ. اهـ. م د.

<<  <  ج: ص:  >  >>