صُعُودَهَا وَأَلِفَ النَّاسُ صَوْتَهُ، فَيُعْذَرُ فِيهِ وَيُجْعَلُ زَمَنُ الْأَذَانِ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِكَافِهِ. وَيَجِبُ فِي اعْتِكَافِ مَنْذُورٍ مُتَتَابِعٍ قَضَاءَ زَمَنِ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ لِعُذْرٍ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَزَمَنِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجَنَابَةٍ غَيْرِ مُفْطِرَةٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ فِيهِ إلَّا زَمَنَ نَحْوِ تَبَرُّزٍ مِمَّا يُطْلَبُ الْخُرُوجُ لَهُ وَلَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ عَادَةً كَأَكْلٍ وَغُسْلِ جَنَابَةٍ وَأَذَانِ مُؤَذِّنٍ رَاتِبٍ، فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنَى إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ مُعْتَكِفٌ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا يَطُولُ زَمَنُهُ كَمَرَضٍ وَعِدَّةٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ.
(وَيَبْطُلُ) الِاعْتِكَافُ الْمَنْذُورُ وَغَيْرُهُ (بِالْوَطْءِ) مِنْ عَالِمٍ بِتَحْرِيمِهِ ذَاكِرٍ لِلِاعْتِكَافِ سَوَاءٌ أَوَطِئَ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ خَارِجَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِقَضَاءِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (مُنْفَصِلَةٍ عَنْ الْمَسْجِدِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ بَابُهَا فِيهِ وَلَا فِي رَحْبَتِهِ شَرْحُ م ر. أَمَّا مَنَارَةُ الْمَسْجِدِ الْمُتَّصِلَةُ بِهِ إنْ كَانَ بَابُهَا فِيهِ أَوْ فِي رَحْبَتِهِ فَلَا يَضُرُّ صُعُودُهَا وَلَوْ لِغَيْرِ الْأَذَانِ وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ سَمْتِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَتَرْبِيعِهِ، إذْ هِيَ فِي حُكْمِ الْمَسْجِدِ كَمَنَارَةٍ مَبْنِيَّةٍ فِيهِ مَالَتْ إلَى الشَّارِعِ، فَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَكِفُ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ،. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ قَوْلُهُ: (لِلْأَذَانِ) وَمِثْلُ الْأَذَانِ مَا اُعْتِيدَ الْآنَ مِنْ التَّسْبِيحِ أَوَاخِرَ اللَّيْلِ مِنْ طُلُوعِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ كَمَا قَالَهُ ق ل، بِخِلَافِ مَا يُفْعَلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْ قِرَاءَةِ الْعُشُورِ وَالسَّلَامِ فَلَا يُعْذَرُ فِي الْخُرُوجِ لَهُ اهـ عَبْدُ الْبَرِّ عَلَى التَّحْرِيرِ، وَانْظُرْ الْفَرْقَ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ لَهُ) هَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، إذْ إضَافَةُ الْمَنَارَةِ إلَيْهِ لِلِاخْتِصَاصِ؛ حَتَّى لَوْ بُنِيَتْ لَهُ ثُمَّ خَرِبَ الْمَسْجِدُ فَجُدِّدَ مَسْجِدٌ قَرِيبٌ مِنْهَا وَاعْتِيدَ الْأَذَانُ عَلَيْهَا فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمَبْنِيَّةِ لَهُ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ اعْتَادَ الرَّاتِبُ إلَخْ) أَيْ الْمُؤَذِّنُ صُعُودَهُ، يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ بِخُرُوجِهِ لِلْأَذَانِ أَوَّلَ مَرَّةٍ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا جُزْءَانِ مِنْ الْعِلَّةِ، وَجُعِلَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ هَاتَيْنِ الْعِلَّتَيْنِ شَرْطَيْنِ، فَالشُّرُوطُ سَبْعَةٌ: أَنْ تَكُونَ الْمَنَارَةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْمَسْجِدِ، وَأَنْ تَكُونَ مُنْفَصِلَةٌ عَنْهُ، وَأَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً مِنْهُ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ رَاتِبًا، وَأَنْ يَكُونَ قَدْ أَلِفَ صُعُودَهَا لِلْأَذَانِ، وَأَنْ يَكُونَ قَدْ أَلِفَ النَّاسُ صَوْتَهُ، وَأَنْ يَخْرُجَ لِلْأَذَانِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَأَلِفَ النَّاسُ صَوْتَهُ) أَيْ اعْتَادُوهُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةُ الْأُنْسِ الْمَعْرُوفِ. اهـ. إطْفِيحِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَيُعْذَرُ فِيهِ) وَبِحَثِّ الْأَذْرَعِيُّ امْتِنَاعَ الْخُرُوجِ لِلْمَنَارَةِ فِيمَا إذَا حَصَلَ الشِّعَارُ بِالْأَذَانِ يَطْهُرُ السَّطْحُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَكَالْمَنَارَةِ مَحَلٌّ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ اُعْتِيدَ الْأَذَانُ عَلَيْهِ وَيَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ عَالِيًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَالٍ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ: (كَزَمَنِ حَيْضٍ) أَيْ لَا تَخْلُو عَنْهُ الْمُدَّةُ كَمَا سَبَقَ.
قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا يَطُولُ زَمَنُهُ) هَذَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى زِيَادَةٍ وَهِيَ الْمَرَضُ وَالْعِدَّةُ.
قَوْلُهُ: (وَعِدَّةٍ) أَيْ وَخُرُوجُ الْمَرْأَةِ الْمُعْتَكِفَةُ لِأَجْلِ قَضَائِهَا عِدَّةً لِوُجُوبِهِ أَيْ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا فِي مَسْكَنِهَا، فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ عَصَتْ وَصَحَّ اعْتِكَافُهَا. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَا لِذَاتِ الِاعْتِكَافِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " وَعِدَّةٍ " أَيْ لَمْ تَكُنْ بِاخْتِيَارِهَا، فَإِنْ كَانَتْ بِاخْتِيَارِهَا أَبْطَلَتْ الِاعْتِكَافَ كَأَنْ قَالَ لَهَا: إنْ شِئْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ: شِئْت.
قَوْلُهُ (وَيَبْطُلُ بِالْوَطْءِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا يُبْطِلُهُ تِسْعَةُ الْوَطْءِ وَالْإِنْزَالِ وَالسُّكْرِ الْمُعْتَدِي بِهِ وَالرِّدَّةِ وَالْحَيْضِ، إي إذَا كَانَتْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ تَخْلُو عَنْهُ كَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلَّ وَالنِّفَاسُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالْخُرُوجُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَالْخُرُوجُ لِاسْتِيفَاءِ عُقُوبَةٍ ثَبَتَتْ بِإِقْرَارِهِ وَكَذَا الْخُرُوجُ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّ مَاطِلٍ بِهِ وَالْخُرُوجُ لِعِدَّةٍ بِاخْتِيَارِهَا، فَمَتَى طَرَأَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ عَلَى الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ الْمُقَيَّدِ بِالْمُدَّةِ وَالتَّتَابُعُ أَبْطَلَهُ وَخَرَجَ مِنْهُ وَوَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ وَإِنْ أُثِيبَ عَلَى مَا مَضَى فِي غَيْرِ الرِّدَّةِ وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِمُدَّةٍ مِنْ غَيْرِ تَتَابُعٍ، فَمَعْنَى بُطْلَانِهِ أَنَّ زَمَنَ ذَلِكَ لَا يُحْسَبُ مِنْ الِاعْتِكَافِ فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ جَدَّدَ النِّيَّةَ وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا؛ فَمَعْنَى بُطْلَانِهِ أَنَّهُ انْقَطَعَ اسْتِمْرَارُهُ وَدَوَامُهُ وَلَا بِنَاءَ وَلَا تَجْدِيدَ نِيَّةٍ وَمَا مَضَى مُعْتَدٌّ بِهِ وَحَصَلَ بِهِ الِاعْتِكَافُ. وَنَظَّمَهَا م د بِقَوْلِهِ:
وَطْءٌ وَإِنْزَالٌ وَسُكْرٌ رَدَّهْ ... حَيْضٌ نِفَاسٌ لِاعْتِكَافٍ مُفْسِدَهْ
خُرُوجُهُ مِنْ مَسْجِدٍ وَمَا عُذِرْ ... كَذَاك لِاسْتِيفَا عُقُوبَةِ الْمُقِرْ