للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا اسْتِطَاعَةُ مُبَاشَرَةٍ، وَلَهَا شُرُوطٌ: أَحَدُهَا (وُجُودُ الزَّادِ) الَّذِي يَكْفِيهِ، وَأَوْعِيَتُهُ حَتَّى السُّفْرَةُ وَكُلْفَةُ ذَهَابِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الرَّابِعِ بِأَنَّ عُذْرَهُ فِي ذَلِكَ تَصْحِيحُ الْعَدَدِ لِلْمَتْنِ إذْ لَوْ جَعَلَهُمَا شُرُوطًا لِلِاسْتِطَاعَةِ كَاَللَّذَيْنِ قَبْلَهُمَا لَزِمَ كَوْنُ الشُّرُوطِ خَمْسَةً بِالنَّظَرِ لِلِاسْتِطَاعَةِ أَوْ أَرْبَعَةً بِغَيْرِهَا، وَكَانَ الْأَظْهَرُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: وَبَقِيَ خَامِسٌ وَهُوَ الِاسْتِطَاعَةُ وَلَهَا شُرُوطٌ سَبْعَةٌ ذَكَرَ الْمَاتِنُ مِنْهَا أَرْبَعَةً أَحَدُهَا وُجُودُ إلَخْ؛ وَذَكَرَ الشَّارِحُ ثَلَاثَةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ وَبَقِيَ أَيْ مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِطَاعَةِ خَامِسٌ وَسَادِسٌ وَسَابِعٌ وَالسَّابِعُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الثَّامِنُ لِشُرُوطِ الْوُجُوبِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ، فَتَأَمَّلْ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كِتَابَةُ الِاسْتِطَاعَةِ مَتْنًا بِقَلَمِ الْحُمْرَةِ، وَهِيَ غَيْرُ مُنَاسِبَةٍ لِكَلَامِ الشَّارِحِ؛ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَجْعَلَ تَخْلِيَةَ الطَّرِيقِ وَإِمْكَانِ الْمَسِيرِ مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِطَاعَةِ لَا مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ. وَقَوْلُهُ " الِاسْتِطَاعَةُ " وَيُعْتَبَرُ فِيهَا وُجُودُ شُرُوطِهَا فِي حَقِّ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِ أَهْلِ حَجِّ بَلَدِهِ إلَى عَوْدِهِمْ إلَيْهِ فَمَتَى أَعْسَرَ فِي جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَا اسْتِطَاعَةَ ق ل. وَهَذَا فِي الْحَيِّ، أَمَّا مَنْ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِطَاعَةِ وَبَعْدَ مُضِيِّ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَإِنْ لَمْ يَعِشْ إلَى عَوْدِهِمْ إلَى الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يَحُجُّ مِنْ تَرِكَتِهِ. وَعِبَارَةُ م ر: فَمَنْ مَاتَ غَيْرَ مُرْتَدٍّ وَفِي ذِمَّتِهِ حَجٌّ وَاجِبٌ مُسْتَقَرٌّ وَلَوْ بِنَحْوِ نَذْرٍ بِأَنْ تَمَكَّنَ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَمُضِيِّ إمْكَانِ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ إنْ دَخَلَ الْحَاجُّ بَعْدَ الْوُقُوفِ ثُمَّ مَاتَ أَثِمَ وَلَوْ شَابًّا وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ الْقَافِلَةُ وَوَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ " وَذَلِكَ " أَيْ التَّمَكُّنُ، وَقَوْلُهُ " بَعْدَ انْتِصَافِ " مُتَعَلِّقٌ بِأَنْ يَمُوتَ الْمُقَدَّرُ، وَجُمْلَةُ قَوْلِهِ " ثُمَّ مَاتَ " مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " تَمَكَّنَ "، وَقَوْلُهُ " وَذَلِكَ إلَخْ " مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِبَيَانِ التَّمَكُّنِ، وَقَوْلُهُ " إنْ دَخَلَ " قَيْدٌ فِي السَّعْيِ، وَقَوْلُهُ " إنْ دَخَلَ الْحَاجُّ " أَيْ أَهْلُ بَلَدِهِ، فَإِنْ كَانَ عَادَتُهُمْ الدُّخُولَ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَلَا يُعْتَبَرُ مُضِيُّ زَمَنٍ لِأَنَّهُ يَفْعَلُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ غَالِبًا.

قَوْلُهُ: (كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ " وُجُودُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ " فَفِي كَلَامِهِ تَجُوزُ حَيْثُ عَدَّ شَرْطَ الشَّرْطِ شَرْطًا.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَجِبَانِ عَلَى غَيْرِ مُسْتَطِيعٍ) صَرِيحُ كَلَامِهِ كَسَائِرِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقُدْرَةِ وَلِيٍّ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ وَعَرَفَةَ فِي لَحْظَةِ كَرَامَةٍ، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِالْأَمْرِ الْعَادِي فَلَا يُخَاطَبُ ذَلِكَ الْوَلِيُّ بِالْوُجُوبِ إلَّا إنْ قَدَرَ كَالْعَادَةِ أَيْ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ كَغَيْرِهِ اهـ. شَرْحُ حَجّ عَلَى الْمِنْهَاجِ، وَمِثْلُهُ سم فِي شَرْحِ الْمَتْنِ؛ وَنَقَلَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ شَيْخِهِ الطَّبَلَاوِيَّ اخْتِيَارَ الْوُجُوبِ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر. قَالَ سم: تَنْبِيهٌ: قِيَاسُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَدِينِ النُّزُولُ عَنْ وَظَائِفِهِ بِعِوَضٍ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ لِغَرَضِ وَفَاءِ الدَّيْنِ وُجُوبُ الْحَجِّ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ وَظَائِفُ أَمْكَنَهُ النُّزُولُ عَنْهَا بِمَا يَكْفِيهِ لِلْحَجِّ بَعْدَ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا هِيَ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْحَجُّ بِمَوْقُوفٍ لِمَنْ يَحُجُّ وَجَبَ؛ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَا تَلْحَقُهُ مِنْهُ مَشَقَّةٌ فِي تَحْصِيلِهِ مِنْ نَحْوِ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَلَا وُجُوبَ م ر. وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ: رَجُلٌ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ وَظَائِفُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ النُّزُولُ عَنْهَا بِمَالٍ لِيَحُجَّ؟ الْجَوَابُ: لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُ بَيْعِ الضَّيْعَةِ الْمُعَدَّةِ لِلنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُعَاوَضَةً مَالِيَّةً وَالنُّزُولُ عَنْ الْوَظَائِفِ إنْ صَحَّحْنَاهُ مِثْلُ التَّبَرُّعَاتِ اهـ. لَكِنْ اسْتَقْرَبَ ع ش مَا قَالَهُ الشِّهَابُ م ر دُونَ مَا أَفْتَى بِهِ السُّيُوطِيّ. وَمِثْلُ الْوَظَائِفِ الْجَوَامِكُ وَالْمَحَلَّاتُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَيْهِ إذَا انْحَصَرَ الْوَقْفُ فِيهِ وَكَانَ لَهُ وِلَايَةٌ لِإِيجَارِهِ، فَيُكَلَّفُ إيجَارُهُ مُدَّةً تَفِي بِمُؤَنِ الْحَجِّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ وَظَاهِرُهُ فِي النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ وَلَوْ تَعَطَّلَتْ الشَّعَائِرُ بِنُزُولِهِ عَنْهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ عِبَادَةِ غَيْرِهِ اهـ اط ف مَعَ زِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (اسْتِطَاعَةُ مُبَاشَرَةٍ) وَيُقَالُ لَهَا اسْتِطَاعَةٌ بِالنَّفْسِ.

قَوْلُهُ: (وَلَهَا شُرُوطٌ) أَيْ أُمُورٌ لَا تَتَحَقَّقُ الِاسْتِطَاعَةُ إلَّا بِهَا، فَفِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ إذْ تَقْتَضِي أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ تَتَحَقَّقُ وَتُوجَدُ خَارِجًا بِدُونِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوط يَتَحَقَّقُ بِدُونِ شَرْطِهِ وَالِاسْتِطَاعَةُ لَا تُوجَدُ إلَّا بِهَا.

قَوْلُهُ: (وُجُودُ الزَّادِ) أَيْ وُجُودُ مَا يَصْرِفُهُ فِي الزَّادِ بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى ثَمَنِهِ، فَهَذَا شَرْطٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>