للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِمَكَّةَ وَرُجُوعِهِ مِنْهَا إلَى وَطَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ، فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَا ذُكِرَ وَلَكِنْ كَانَ يَكْسِبُ فِي سَفَرِهِ مَا يَفِي بِزَادِهِ وَبَاقِي مُؤَنِهِ وَسَفَرِهِ طَوِيلٌ مَرْحَلَتَانِ فَأَكْثَرُ لَمْ يُكَلِّفْ النُّسُكَ، وَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ عَنْ الْكَسْبِ لِعَارِضٍ، وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الِانْقِطَاعِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ تَعَبِ السَّفَرِ وَالْكَسْبِ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ، وَإِنْ قَصُرَ سَفَرُهُ وَكَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامِ الْحَجِّ كُلِّفَ الْحَجَّ بِأَنْ يَخْرُجَ لَهُ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ حِينَئِذٍ، وَقَدَّرَ فِي الْمَجْمُوعِ أَيَّامَ الْحَجِّ بِمَا بَيْنَ زَوَالِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ وَزَوَالِ ثَالِثِ عَشْرَةَ، وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَنْفِرْ النَّفْرَ الْأَوَّلَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ زَادًا وَاحْتَاجَ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ كُرِهَ لَهُ اعْتِمَادًا عَلَى السُّؤَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ وَإِلَّا مُنِعَ بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِ الْمَسْأَلَةِ لِلْمُكْتَسِبِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

(وَ) الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِطَاعَةِ وُجُودُ (الرَّاحِلَةِ) الصَّالِحَةِ لِمِثْلِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ بِثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ، مِثْلُ لِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ فَأَكْثَرُ، قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ أَمْ لَا، لَكِنْ يَنْدُبُ لِلْقَادِرِ عَلَى الْمَشْيِ الْحَجُّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَمَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِوُجُودِ الزَّادِ مِنْ حَيْثُ الثَّمَنِ الَّذِي يُحَصِّلُهُ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ قَوْلِهِ " وَإِمْكَانُ السَّيْرِ " مِنْ قَوْلِهِ " وَيُشْتَرَطُ وُجُودُ مَاءٍ وَزَادٍ بِمُحَالٍ إلَخْ " شَرْطٌ لِوُجُوبِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَحَلِّ، فَلَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. فَالْمُرَادُ بِالْوُجُودِ فِيمَا يَأْتِي مُقَابِلُ الْعَدَمِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَجِدْهَا بِالْمُحَالِ الْمَذْكُورَةِ وَوَجَدَ الثَّمَنَ لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ. قَوْلُهُ: (وَأَوْعِيَتِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الزَّادِ.

وَقَوْلُهُ " وَكُلْفَةٍ " مَعْطُوفٌ عَلَى الزَّادِ؛ وَلَعَلَّهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِ، وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهَا ق ل، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمُؤْنَةُ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى السُّفْرَةُ) فِي عَطْفِهَا عَلَى الْأَوْعِيَةِ بِحَتَّى الْمُقْتَضَى أَنَّهُ يُقَالُ لَهَا وِعَاءٌ نَظَرٌ، فَرَاجِعْهُ ق ل. وَيُمْكِنُ أَنَّهَا وِعَاءٌ حُكْمًا لِأَنَّهَا تُفْرَشُ لِأَجْلِ وَضْعِ الطَّعَامِ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (أَهْلُ) الْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ. وَالْوَاوُ فِي " وَعَشِيرَةٍ " بِمَعْنَى " أَوْ ".

قَوْلُهُ: (لَمْ يُكَلَّفْ) جَوَابُ " لَوْ ". وَقَوْلُهُ " وَلَوْ كَانَ إلَخْ " غَايَةٌ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ. وَقَوْلُهُ " كِفَايَةُ أَيَّامٍ " أَيْ وَلَوْ جَمِيعُ أَيَّامِ سَفَرِهِ. وَقَوْلُهُ " وَإِنْ قَصُرَ سَفَرُهُ " بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ. وَقَوْلُهُ " فِي يَوْمٍ " مُرَادُهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ سَفَرِهِ وَلَا عِبْرَةَ فِيمَا بَعْدَهُ ق ل؛ أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ يَكْسِبُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ كِفَايَةَ يَوْمٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَلَا عِبْرَةَ بِكَسْبِهِ فِي الْحَضَرِ أَيْضًا لِأَنَّ تَحْصِيلَ سَبَبِ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَقَدَّرَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) وَجْهُ اعْتِبَارِ مَا بَعْدَ زَوَالِ السَّابِعِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَأْخُذُ فِي أَسْبَابِ تَوَجُّهِهِ مِنْ الْغَدِ إلَى مِنًى، وَالثَّالِثَ عَشَرَ أَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ الْأَفْضَلَ وَهُوَ إقَامَتُهُ بِمَعْنَى ثَلَاثِ لَيَالٍ؛ ز ي.

قَوْلُهُ: (زَوَالُ إلَخْ) قَضِيَّةٌ تَحْدِيدُهَا بِالزِّوَالَيْنِ أَنَّهَا سِتَّةٌ، لَكِنْ اعْتَبَرَ بَعْضُهُمْ فِيهَا تَمَامُ الطَّرَفَيْنِ أَيْ أَوَّلَ نَهَارِ السَّابِعِ وَأَوَّلَ نَهَارِ الثَّالِثَ عَشَرَ تَغْلِيبًا، فَعَدَّهَا سَبْعَةً. وَظَاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرَ فِيمَنْ بِمَكَّةَ، أَمَّا غَيْرُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي حَقِّهِ مَعَ الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ قَدْرُ الْمَسَافَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ ذَهَابًا وَإِيَابًا سم عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَيَظْهَرُ فِي الْعُمْرَةِ الِاكْتِفَاءُ بِمَا يَسَعُ أَفْعَالُهَا غَالِبًا وَهُوَ نَحْوُ ثُلْثَيْ يَوْمٍ شَرْحُ م ر. وَقَالَ ز ي: وَهُوَ نِصْفُ يَوْمٍ مَعَ مُؤْنَةِ سَفَرِهِ.

قَوْلُهُ: (مَنْ لَمْ يَنْفِرْ إلَخْ) أَمَّا هُوَ فَإِنَّهَا فِي حَقِّهِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ مَا بَيْنَ زَوَالِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ وَثَانِي عَشْرَةَ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ كَأَنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ. وَقَوْلُهُ " مُنِعَ " أَيْ الْحَجُّ، أَيْ حُرِّمَ عَلَيْهِ أَوْ الْمَعْنَى مُنِعَ مِنْهُ، فَالضَّمِيرُ لِلشَّخْصِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِ الْمَسْأَلَةِ لِلْمُكْتَسِبِ) أَيْ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ وَلَمْ يَكْتَسِبْ بِالْفِعْلِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الرَّاجِحُ ق ل. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ. قَوْلُهُ: (وُجُودُ الرَّاحِلَةِ) وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي تَصْلُحُ لَأَنْ تَرْحَلَ. وَأَرَادُوا بِهَا هُنَا كُلَّ مَا يَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ بِالنِّسْبَةِ لِطَرِيقِهِ الَّذِي يَسْلُكُهُ وَلَوْ نَحْوَ بَغْلٍ وَحِمَارٍ وَإِنْ لَمْ يَلْقَ بِهِ رُكُوبَهُ وَبَقَرٌ عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ جَوَازِ رُكُوبِهِ ز ي. وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَلْقَ إلَخْ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْحَجُّ لَا بَدَلَ لَهُ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْمُعَادِلِ الْآتِي حَيْثُ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ اللِّيَاقَةُ بِأَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الضَّرَرُ بِمُجَالَسَتِهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ ع ش عَلَى م ر. وَقَالَ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ: الْمُرَادُ بِالرَّاحِلَةِ الْمَرْكُوبُ وَلَوْ آدَمِيًّا حَيْثُ لَاقَ بِهِ رُكُوبَهُ اهـ. وَالْمُرَادُ بِوُجُودِهَا الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا بِشِرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ.

قَوْلُهُ: (بِثَمَنٍ إلَخْ) عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتِّبِ. وَقَوْلُهُ " أَوْ أُجْرَةُ مِثْلٍ " لَا بِزِيَادَةِ، وَإِنْ قُلْت وَقَدَرَ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (لِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ إلَخْ) سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ أَمْ لَا.

قَوْلُهُ: (يَنْدُبُ لِلْقَادِرِ) رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً م ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>