للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَ) الشَّرْطُ السَّادِسُ لِلْوُجُوبِ (تَخْلِيَةُ الطَّرِيقِ) أَيْ أَمْنُهُ وَلَوْ ظَنًّا فِي كُلِّ مَكَان بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ، فَلَوْ خَافَ فِي طَرِيقِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ أَوْ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ مَعَهُ أَوْ عُضْوِهَا أَوْ مَالِهِ وَلَوْ يَسِيرًا سَبُعًا أَوْ عَدُوًّا أَوْ رَصَدِيًّا وَلَا طَرِيقَ لَهُ سِوَاهُ لَمْ يَجِبْ النُّسُكُ عَلَيْهِ لِحُصُولِ الضَّرَرِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَمْنِ الْأَمْنُ الْعَامُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخَوْفُ فِي حَقِّهِ وَحْدَهُ قَضَى مِنْ تَرِكَتِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ. وَيَجِبُ رُكُوبُ الْبَحْرِ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِي رُكُوبِهِ وَتَعَيَّنَ طَرِيقًا كَسُلُوكِ طَرِيقِ الْبَرِّ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ، فَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ لَمْ يَجِبْ بَلْ يَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ.

(وَ) السَّابِعُ (إمْكَانُ الْمَسِيرِ) إلَى مَكَّةَ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ السَّيْرِ الْمُعْتَادِ لِأَدَاءِ النُّسُكِ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَإِنْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ لِاسْتِقْرَارِهِ لَا لِوُجُوبِهِ، فَقَدْ صَوَّبَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَا تِجَارَتُهُ) أَيْ وَثَمَنُ ضَيْعَتِهِ الَّتِي يَسْتَغِلُّهَا وَإِنْ بَطَلَتْ تِجَارَتُهُ وَمُسْتَغِلَّاتُهُ كَمَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهَا فِي دَيْنِهِ. وَفَارَقَ الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ بِأَنَّهُ. يَحْتَاجُ إلَيْهِمَا فِي الْحَالِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ يَتَّخِذُهُ ذَخِيرَةٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَلَوْ اسْتَغْنَى بِسُكْنَى الرَّبْطِ وَجَبَ بَيْعُ مَسْكَنِهِ. وَلَا يَلْزَمُ بَيْعُ آلَةِ مُحْتَرَفٍ وَلَا كُتُبِ فَقِيهٍ وَلَا بَهَائِمَ زُرَّاعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْأَفْضَلُ لِخَائِفِ الْعَنَتِ تَقْدِيمُ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ نَاجِزَةٌ. وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي، وَقَدْ صَرَّحَ كَثِيرُونَ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ بِوُجُوبِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا، فَإِنْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ فَتَقْدِيمُ الْحَجِّ أَوْلَى، وَإِذَا قَدَّمَ النِّكَاحَ عَلَى الْحَجِّ وَمَاتَ كَانَ عَاصِيًا؛ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَمْنُهُ) أَيْ أَمْنٌ فِيهِ لَائِقٌ بِالسَّفَرِ وَإِنْ لَمْ يَلْقَ بِالْحَضَرِ.

قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ) أَيْ بِالطَّرِيقِ، وَيُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ أَمْنَ السَّفَرِ دُونَ أَمْنِ الْحَضَرِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَالُهُ) أَيْ الَّذِي يَحْتَاجُ لِاسْتِصْحَابِهِ مَعَهُ لَا مَا مَعَهُ مِنْ مَالِ تِجَارَةٍ أَمِنَ عَلَيْهِ فِي بَلَدِهِ، ز ي، قَوْلُهُ: (سَبْعًا) مَفْعُولُ " خَافَ ".

قَوْلُهُ: (أَوْ رَصَدِيًّا) بِالْمُهْمَلَاتِ مَفْتُوحُ الْأَوَّلِينَ، وَهُوَ مَنْ يَقِفُ فِي الطَّرِيقِ يَرْصُدُ مَنْ يَمُرُّ بِهَا لِيَأْخُذَ مَالَهُ وَمَا مَعَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ قَتْلِهِ وَإِنْ قَلَّ الْمَالُ الَّذِي يَطْلُبُهُ، وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْخَفِيرُ أُجْرَةَ الْخِفَارَةِ ق ل مَعَ زِيَادَةٍ. وَقَوْلُهُ " وَلَوْ بِغَيْرِ قَتْلِهِ " بِهِ فَارَقَ الْعَدُوَّ، نَعَمْ إنْ كَانَ مَا يَأْخُذُهُ الرَّصَدِيُّ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبُهُ بِأَنْ جَعَلَهُ لَهُ وَجَبَ الْحَجُّ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِبْ النُّسُكُ) بَلْ وَلَا يُسْتَحَبُّ، بَلْ رُبَّمَا حَرُمَ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الضَّرَرُ. قَوْلُهُ: (قَضَى مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَحُجَّ وَمَاتَ. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ مَعَ خَوْفِهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَوْفِ الْعَامِ وَالْخَاصِّ فَيُشْتَرَطُ عَدَمُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْأَمْنِ الْعَامِ وَالْخَاصِّ. اهـ. م د. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ رُكُوبُ الْبَحْرِ) أَيْ عَلَى الرَّجُلِ، وَكَذَا عَلَى الْمَرْأَةِ إنْ وُجِدَتْ لَهَا مَحَلًّا تَنْعَزِلُ فِيهِ عَنْ الرِّجَالِ. وَخَرَجَ بِالْبَحْرِ أَيْ الْمِلْحِ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ كَسِيحُونَ وَالنِّيلِ فَيَجِبُ رُكُوبُهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ فِيهَا لَا يَطُولُ وَالْخَوْفُ لَا يَعْظُمُ، خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ قَالَ: مَحَلُّهُ إذَا كَانَ يَقْطَعُهُ عَرْضًا وَإِلَّا فَهِيَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ كَالْبَحْرِ وَأَخْطَرُ. وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْبَرَّ فِيهَا قَرِيبٌ يَسْهُلُ الْوُصُولُ إلَيْهِ، ز ي. قَوْلُهُ: (أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ) أَيْ اسْتِوَاءً عُرْفِيًّا لَا حَقِيقِيًّا، فَالْمُرَادُ الِاسْتِوَاءُ وَمَا قَارَبَهُ، فَلَا يَلْزَمُ رُكُوبُهُ فِيمَا إذَا كَانَ يَغْرَقُ فِيهِ تِسْعَةٌ وَيَسْلَمُ عَشْرَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ.

قَوْلُهُ: (قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ) الصَّوَابُ حَذْفُ " عَلَيْهِ " لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهَا، مَرْحُومِيٌّ قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ عَدُّ إمْكَانِ الْمَسِيرِ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ) أَيْ إمْكَانُ الْمَسِيرِ يُشْتَرَطُ لِاسْتِقْرَارِهِ، أَيْ الْحَجِّ فِي ذِمَّتِهِ لَيَجِبَ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ لَا لِوُجُوبِهِ أَيْ الْحَجِّ، أَيْ لَيْسَ شَرْطًا لِأَصْلِ الْوُجُوبِ. قَالَ سم: وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْوُجُوبِ إذَا لَمْ يَبْقَ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ السَّفَرُ بَيْنَ أَنْ يَقْطَعَ بِعَدَمِ الْوُصُولِ فِيهِ أَوْ لَا؛ لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَأَوْهَمَتْ عِبَارَةُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ مَنْ اسْتَطَاعَ الْحَجَّ قَبْلَ عَرَفَةَ بِيَوْمٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ شَهْرٌ وَمَاتَ تِلْكَ السَّنَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ ثُمَّ سَقَطَ، وَلَا يَقُولُهُ أَحَدٌ. وَرُدَّ بِأَنَّ السَّرَخْسِيَّ وَالسِّنْجِيَّ قَالَاهُ.

قَوْلُهُ: (لِاسْتِقْرَارِهِ) فَإِنْ لَمْ يَبْقَ زَمَنٌ يَسَعُ السَّيْرَ بَعْدَ وُجُودِ الِاسْتِطَاعَةِ بِأَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ إلَّا بَعْدَ ذَهَابِ الْحَاجِّ فَابْنُ الصَّلَاحِ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ: إنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ وُجُوبُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>