للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّوَوِيُّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا يَشْهَدُ لَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ رُفْقَةٍ يَخْرُجُ مَعَهُمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِهِ بِالْخُرُوجِ فِيهِ، وَأَنْ يَسِيرُوا السَّيْرَ الْمُعْتَادَ، فَإِنْ خَرَجُوا قَبْلَهُ أَوْ أَخَّرُوا الْخُرُوجَ بِحَيْثُ لَا يَصِلُونَ مَكَّةَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ مَرْحَلَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ، أَوْ كَانُوا يَسِيرُونَ فَوْقَ الْعَادَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْخُرُوجُ هَذَا إنْ اُحْتِيجَ إلَى الرُّفْقَةِ لِدَفْعِ الْخَوْفِ، فَإِنْ أَمِنَ الطَّرِيقَ بِحَيْثُ لَا يَخَافُ الْوَاحِدُ فِيهَا لَزِمَهُ، وَلَا حَاجَةَ لِلرُّفْقَةِ وَلَا نَظَرَ إلَى الْوَحْشَةِ بِخِلَافِهَا فِيمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِمَا هُنَا بِخِلَافِهِ ثُمَّ.

وَالثَّامِنُ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَهُوَ مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِطَاعَةِ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَوْ فِي مَحْمَلٍ وَنَحْوِهِ بِلَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا أَصْلًا أَوْ ثَبَتَ فِي مَحْمَلٍ عَلَيْهَا لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ لِكِبَرٍ أَوْ نَحْوِهِ انْتَفَى عَنْهُ اسْتِطَاعَةُ الْمُبَاشَرَةِ وَلَا تَضُرُّ مَشَقَّةٌ تُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ. وَيُشْتَرَطُ وُجُودُ مَاءٍ وَزَادٍ بِمَحَالٍّ يَعْتَادُ حَمْلُهَا مِنْهَا بِثَمَنٍ مِثْلٍ زَمَانًا وَمَكَانًا، وَوُجُودُ عَلَفِ دَابَّةٍ كُلَّ مَرْحَلَةٍ، وَخُرُوجُ نَحْوِ زَوْجِ امْرَأَةٍ كَمُحْرِمِهَا وَعَبْدِهَا أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ مَعَهَا لِتَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَحْرَمٌ» وَيَكْفِي فِي الْجَوَازِ لِفَرْضِهَا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ وَسَفَرُهَا وَحْدَهَا إنْ أَمِنَتْ، وَلَوْ كَانَ خُرُوجُ مَنْ ذُكِرَ بِأُجْرَةٍ فَيَلْزَمُهَا أُجْرَتُهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِهَا، فَيُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ النُّسُكِ لَهَا قُدْرَتُهَا عَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَيْهِ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِنْ كَانَ يُوصَفُ بِالْإِيجَابِ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ قَطْعًا كَمَا قَالَ ح ل. وَعَلَى كَلَامِ غَيْرِ ابْنِ الصَّلَاحِ لَمْ يَجِبْ الْحَجُّ مِنْ أَصْلِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ أَيْ وَالنَّفَلُ فِي جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَنْهُ خِلَافُ الْأَصَحِّ الْجَوَازُ.

قَوْلُهُ: (فَقَدْ صَوَّبَ) مُفَرَّعٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: " وَاعْتِرَاضُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَقَدْ. . . إلَخْ ". قَوْلُهُ: (أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَنَّ النَّوَوِيَّ صَوَّبَهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَانُوا إلَخْ) أَيْ أَوْ لَمْ يُؤَخِّرُوا الْخُرُوجَ لَكِنْ كَانُوا يَسِيرُونَ إلَخْ، فَهُوَ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ؛ وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ " السَّيْرُ الْمُعْتَادُ ". قَوْلُهُ: (بِخِلَافِهَا) أَيْ الْوَحْشَةُ فِي التَّيَمُّمِ بِأَنْ كَانَ يَلْزَمُ عَلَى تَخَلُّفِهِ لِتَحْصِيلِ مَاءِ الْوُضُوءِ الْوَحْشَةِ.

قَوْلُهُ: (بِمَشَقَّةِ) أَيْ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ أَوْ يَحْصُلُ بِهَا ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً حَجّ.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ وُجُودُ مَاءٍ) أَيْ وُجُودُ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ، فَالْمُرَادُ هُنَا حُصُولُ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ وَفِيمَا مَرَّ الْقُدْرَةُ عَلَى ثَمَنِهِ فَلَا تَكْرَارَ قَوْلُهُ: (بِثَمَنِ مِثْلٍ) نَعَمْ تُغْتَفَرُ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ، وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ وَهُوَ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ فِي شِرَاءِ مَاءِ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا بِخِلَافِ الْحَجِّ م ر قَوْلُهُ: (كُلُّ مَرْحَلَةٍ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنْ يُعْتَبَرَ وُجُودُ الْعَلَفِ فِي الْمُحَالِ الْمُعْتَادِ حَمْلُهَا مِنْهَا نَظِيرُ مَا قَبْلَهُ كَالْبَنَادِرِ قَوْلُهُ: (زَوْجٍ) وَلَوْ غَيْرَ ثِقَةٍ وَكَذَا الْمُحْرِمُ؛ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرَةٌ تَمْنَعُهُ مِنْ رِضَاهُ بِالزِّنَا بِهَا. وَهَذَا هُوَ الشَّرْطُ السَّابِعُ مِنْ شُرُوطِهِ الِاسْتِطَاعَةُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ نِسْوَةٍ) أَيْ اثْنَتَانِ فَأَكْثَرَ ق ل، أَيْ مُتَّصِفَاتٌ بِالْعَدَالَةِ وَلَوْ إمَاءً. وَيَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُرَاهِقَاتِ لَكِنْ بِشَرْطِ كَوْنِهِنَّ ذَوَاتِ فِطْنَةٍ، وَلَا فَرْقَ فِي النِّسْوَةِ بَيْنَ الْأَجَانِبِ وَالْمَحَارِمِ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَحَارِمِ الْعَدَالَةُ لِأَنَّ لَهُنَّ الْغَيْرَةَ عَلَيْهَا وَإِنْ كُنَّ غَيْرَ عُدُولٍ. قَالَ م د: وَكَالْمَرْأَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ الْخُنْثَى، وَإِنَّمَا اكْتَفَى فِي حَقِّهِ بِالنِّسْوَةِ الثِّقَاتِ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ رَجُلٌ لِجَوَازِ خَلْوَةِ الرَّجُلِ بِامْرَأَتَيْنِ وَإِنْ وَقَعَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَا يُخَالِفُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ كَذَلِكَ أَيْ كَالْمَرْأَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَأَنْ لَا يَكْتَفِيَ فِيهِ بِمِثْلِهِ وَإِنْ كَثُرَ لِحُرْمَةِ نَظَرِ كُلٍّ إلَى الْآخَرِ وَالْخَلْوَةِ بِهِ، بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مَحْرَمٍ أَوْ سَيِّدٍ اهـ. وَقَوْلُهُ " لِحُرْمَةِ نَظَرِ كُلٍّ إلَخْ " أَيْ وَلَا كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ؛ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَحِي بِحَضْرَةِ مِثْلِهَا مَا لَمْ يَسْتَحِيهِ الذَّكَرُ بِحَضْرَةِ مِثْلِهِ، وَمِنْ ثَمَّ يَحْرُمُ فِيمَا يَظْهَرُ الْخَلْوَةُ بِأَمْرَدَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ اهـ أج لَا بِامْرَأَتَيْنِ قَوْلُهُ: (يَوْمَيْنِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ قَوْلُهُ: (لِفَرْضِهَا) خَرَجَ بِهِ النَّفَلُ، فَلَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ لَهُ مَعَ النِّسْوَةِ وَإِنْ كَثُرْنَ وَكَذَا لِسَائِرِ الْأَسْفَارِ غَيْرِ الْوَاجِبَةِ. قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِفَرْضِ الْحَجِّ هُنَا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَالنَّذْرِ وَالْقَضَاءِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَوَازِ خُرُوجِهَا مَعَ الْوَاحِدَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مُسْتَطِيعَةً أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>