للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أُجْرَتِهِ، وَيَلْزَمُهَا أُجْرَةُ الْمَحْرَمِ كَقَائِدِ أَعْمَى وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ فِي وُجُوبِ النُّسُكِ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ إحْرَامُهُ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لَكِنْ لَا يَدْفَعُ لَهُ الْمَالَ لِئَلَّا يُبَذِّرَهُ بَلْ يَخْرُجُ مَعَهُ الْوَلِيُّ بِنَفْسِهِ إنْ شَاءَ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُنَصِّبُ شَخْصًا لَهُ ثِقَةً يَنُوبُ عَنْ الْوَلِيِّ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ مُتَبَرِّعًا لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُجْرَتَهُ كَأُجْرَةِ مَنْ يَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ. وَالنَّوْعُ الثَّانِي اسْتِطَاعَةٌ بِغَيْرِهِ فَتَجِبُ إنَابَةً عَنْ مَيِّتٍ غَيْرِ مُرْتَدٍّ عَلَيْهِ نُسُكٌ مِنْ تَرِكَتِهِ كَمَا يَقْضِي مِنْهَا دُيُونَهُ، وَلَوْ فَعَلَهُ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ جَازَ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ كَمَا يَقْضِي دُيُونَهُ بِلَا إذْنٍ، وَعَنْ مَعْضُوبٍ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ عَاجِزٍ عَنْ النُّسُكِ بِنَفْسِهِ لِكِبَرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ فَأَكْثَرُ، إمَّا بِأُجْرَةٍ مِثْلٍ فَضَلْت عَمَّا مَرَّ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ غَيْرَ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ سَفَرًا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُفَارِقْهُمْ يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ مُؤْنَتِهِمْ، أَوْ بِوُجُودِ مُطِيعٍ بِنُسُكٍ سَوَاءٌ كَانَ أَصْلُهُ أَمْ فَرْعُهُ أَمْ أَجْنَبِيًّا بِشَرْطِ كَوْنِهِ غَيْرَ مَعْضُوبٍ مَوْثُوقًا بِهِ أَدَّى فَرْضَهُ، وَكَوْنُ بَعْضِهِ غَيْرَ مَاشٍ وَلَا مَعُولًا عَلَى الْكَسْبِ أَوْ السُّؤَالِ إلَّا أَنْ يَكْتَسِبَ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ وَسَفَرِهِ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إنَابَةُ مُطِيعٍ بِمَالٍ لِلْأُجْرَةِ لِعِظَمِ الْمِنَّةِ، بِخِلَافِ الْمِنَّةِ فِي بَذْلِ الطَّاعَةِ بِنُسُكٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَنْكِفُ عَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِمَالِ غَيْرِهِ وَلَا يَسْتَنْكِفُ عَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِبَدَنِهِ فِي الْأَشْغَالِ.

تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ شُرُوطِ صِحَّةِ النُّسُكِ، فَيَشْتَرِطُ لِصِحَّتِهِ الْإِسْلَامَ فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَكْلِيفٌ، فَلِوَلِيِّ مَالٍ وَلَوْ بِمَأْذُونِهِ إحْرَامٌ عَنْ صَغِيرٍ وَلَوْ مُمَيِّزًا؛ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لَا بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ وَإِنْ كَانَ يَقَعُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَلَوْ أَحْرَمَتْ بِهِ مَعَ مُحْرِمٍ فَمَاتَ قَبْلَ إتْمَامِهِ أَتَمَّتْهُ مَعَ فَقْدِهِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ قَوْلُهُ: (مِنْ ذَكَرٍ) أَيْ غَيْرِ عَبْدِهَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا أُجْرَةٌ لَهُ قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُهَا) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (كَقَائِدِ أَعْمَى) فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ إلَّا إذَا وَجَدَ قَائِدًا لَائِقًا بِهِ وَقَدَرَ عَلَى أُجْرَتِهِ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ؛ بَلْ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (شَخْصًا لَهُ) لَوْ قَدِمَ لَهُ عَلَى شَخْصٍ لَكَانَ أَظْهَرَ قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِلَا إذْنٍ) وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَوَقُّفِ الصَّوْمِ عَنْهُ عَلَى إذْنِ الْقَرِيبِ بِأَنَّ هَذَا أَشْبَهُ بِالدُّيُونِ، فَأُعْطِيَ حُكْمُهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ قَوْلُهُ: (وَعَنْ مَعْضُوبٍ) مِنْ الْعَضْبِ وَهُوَ الْقَطْعُ، كَأَنَّهُ قَطَعَ عَنْ كَمَالِ الْحَرَكَةِ. وَيُقَالُ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ كَأَنَّهُ قَطَعَ عَصَبَهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. فَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فَحَجَّ عَنْهُ ثُمَّ شَفَى لَمْ يَجُزْهُ وَلَمْ يَقَعْ عَنْهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ أُجْرَةً كَمَا رَجَّحَاهُ هُنَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ شَرْحُ م ر؛ أَيْ يَقَعُ نَفْلًا لِلْأَجِيرِ، وَلَوْ حَضَرَ مَكَّةَ أَوْ عَرَفَةَ فِي سَنَةِ حَجِّ الْأَجِيرِ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ لِتَعَيُّنِ مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ وَيَلْزَمُهُ لِلْأَجِيرِ الْأُجْرَةُ. وَفَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا شُفِيَ بَعْدَ حَجِّ الْأَجِيرِ بِأَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ فِي حَقِّ الْأَجِيرِ بِالشِّفَاءِ، بِخِلَافِ الْحُضُورِ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ وَرَّطَ الْأَجِيرَ مُقَصِّرٌ بِهِ فَلَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ، سم عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ. وَقَوْلُهُ " وَيَقَعُ نَفْلًا " لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالنَّفْلِ عَدَمُ كَوْنِهِ فَرْضُ عَيْنٍ، وَإِلَّا فَهُوَ لَا يَكُونُ نَفْلًا إلَّا مِنْ الصَّبِيِّ وَالرَّقِيقِ أَوْ يُصَوِّرُ بِمَا إذَا كَانَ الْأَجِيرُ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ: (مَرْحَلَتَانِ) أَمَّا لَوْ كَانَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ أَوْ كَانَ بِمَكَّةَ لَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ، إلَّا إنْ أَنْهَاهُ الضَّنَى إلَى حَالَةِ لَا يَحْتَمِل الْحَرَكَة مَعَهَا بِحَالِ فَتَجُوزُ الْإِنَابَةُ حِينَئِذٍ، م ر مُلَخَّصًا قَوْله: (بِأُجْرَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْإِنَابَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَوْلُهُ: (عَمَّا مَرَّ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ) أَيْ مِنْ مَلْبَسِ وَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَدَيْنِهِ وَمُؤْنَةٍ يَوْمَ الِاسْتِئْجَارِ كَمَا فِي م ر. وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْضُوبِ لَا لِلْمَيِّتِ قَوْلُهُ: (وَكَوْنُ بَعْضُهُ غَيْرُ مَاشٍ) شَرْطٌ لِوُجُوبِ إنَابَتِهِ مَجَّانًا كَمَا فِي م ر، أَيْ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ. وَعِبَارَةُ م ر: وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَعْضُوبُ سِوَى أُجْرَةِ مَاشٍ، وَالسَّفَرُ طَوِيلٌ لَزِمَهُ اسْتِئْجَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَيْ الْمَعْضُوبُ مُكَلَّفًا بِالْمَشْيِ لَوْ فَعَلَهُ لِنَفْسِهِ إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مَشْيِ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا، فَلَا يَلْزَمُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْمُطِيعِ. قَوْلُهُ: (لِلْأُجْرَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ يَدْفَعُهُ لِلْأُجْرَةِ قَوْلُهُ: (يَسْتَنْكِفُ) أَيْ يَمْتَنِعُ.

قَوْله: (فَلِوَلِيِّ مَالٍ) وَوَلِيُّ الْمَالُ هُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْحَاكِمُ وَالْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ. وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُ وَلِيِّ الْمَالِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْأُمِّ، فَلَا يُحْرِمُ عَمَّنْ ذَكَرَ شَرْحُ م ر. وَأَجَابُوا عَنْ ذِكْرِ الْأُمِّ فِي الْحَدِيثِ بِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ أَوْ أَنَّ وَلِيَّهُ أَذِنَ لَهَا أَنْ تُحْرِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>