لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ إلَى آخِرِهِ كَمَا سَيَأْتِي. وَلَا تُسَنُّ التَّلْبِيَةُ فِي طَوَافٍ وَلَا سَعْيٍ لِأَنَّ فِيهِمَا أَذْكَارًا خَاصَّةً، وَيُسَنُّ الْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ وَلِدُخُولِ مَكَّةَ وَلِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَبِمُزْدَلِفَةَ غَدَاةَ النَّحْرِ وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِلرَّمْيِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْغُسْلِ تَيَمَّمَ، وَيُسَنُّ أَنْ يُطَيِّبُ مَرِيدُ الْإِحْرَامِ بَدَنَهُ لِلْإِحْرَامِ، وَلَا بَأْسَ بِاسْتِدَامَتِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَلَا يُسَنُّ تَطْيِيبُ ثَوْبِهِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمِنْهَاجِ. وَيُسَنُّ خَضْبُ يَدَيْ امْرَأَةٍ لِلْإِحْرَامِ إلَى الْكُوعَيْنِ بِالْحِنَّاءِ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَنْكَشِفَانِ، وَمَسْحُ وَجْهِهَا بِشَيْءٍ مِنْهُ. وَيُسَنُّ أَنْ يُصَلِّيَ مُرِيدُ الْإِحْرَامِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ رَكْعَتَيْنِ لِلْإِحْرَامِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ الشَّخْصُ إذَا تَوَجَّهَ لِطَرِيقِهِ. وَيُسَنُّ لِلْمُحْرِمِ إكْثَارُ التَّلْبِيَةِ فِي دَوَامِ إحْرَامِهِ وَيَرْفَعُ بِالذِّكْرِ صَوْتَهُ بِهَا، وَتَتَأَكَّدُ عِنْدَ تَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ كَرُكُوبٍ وَصُعُودٍ وَهُبُوطٍ وَاخْتِلَاطٍ رُفْقَةً وَإِقْبَالِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَوَقْتَ سَحَرٍ. وَلَفْظُهَا: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ، إنَّ الْحَمْدَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْمُرَادُ مِنْهُ الْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَهُوَ يُسَنُّ لَهُ الْغُسْلُ إنْ لَمْ يَغْتَسِلْ لِلْعِيدِ، فَسَقَطَ مَا لِلْمُحَشَّيْ قَوْلُهُ: (وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) أَيْ: بَعْدَ الزَّوَالِ م ر قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْغُسْلِ تَيَمَّمَ) أَيْ لِأَنَّ الْغُسْلَ يُرَادُ لِلْقُرْبَةِ وَالنَّظَافَةِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا بَقِيَ الْآخَرُ؛ وَلِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ فَعَنْ الْمَنْدُوبِ أَوْلَى شَرْحِ م ر. قَالَ السُّيُوطِيّ: فَائِدَةٌ: لِمَ أَمَرَك بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ؟ قِيلَ: لِأَنَّ أَصْلَ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ التُّرَابِ وَالْمَاءِ لِأَنَّ التُّرَابَ عُجِنَ بِالْمَاءِ وَإِنَّهُمَا أَوْسَعُ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وُجُودًا، فَأَمَرَك بِالتَّطْهِيرِ بِهِمَا لِئَلَّا تَعْتَذِرَ بِفِقْدَانِهِمَا، فَالْآنَ لَيْسَ لَك عُذْرٌ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَنُّ تَطْيِيبُ ثَوْبِهِ) أَيْ إزَارِهِ وَرِدَائِهِ قَوْلُهُ: (خَضْبُ يَدَيْ امْرَأَةٍ) أَيْ غَيْرِ مُحِدَّةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعَدَدِ. وَيُسَنُّ الْخَضْبُ لِغَيْرِ الْمُحْرِمَةِ أَيْضًا إنْ كَانَتْ خَلِيَّةً وَإِلَّا كُرِهَ، وَلَا يُسَنُّ لَهَا نَقْشٌ وَتَسْوِيدٌ وَتَطْرِيفٌ وَتَحْمِيرُ وَجَنَّةٍ بَلْ يَحْرُمُ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ عَلَى خَلِيَّةٍ وَمَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا حَلِيلُهَا. وَقَوْلُهُ " عَلَى خَلِيَّةٍ " أَيْ وَلَوْ غَيْرَ شَابَّةٍ، شَرْحُ حَجّ. وَخَرَجَ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى، فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا الْخَضْبُ بَلْ يَحْرُمُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: (بِشَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخِضَابِ الَّذِي هُوَ الْحِنَّاءُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا تَكْشِفُهُمَا فَيَرَوْنَهُمَا فَالْمَقْصُودُ تَغْيِيرُ اللَّوْنِ الْأَصْلِيِّ. وَسُمِّيَتْ حِنَّاءً لِأَنَّهَا حَنَّتْ عَلَى آدَمَ حِينَ سَتَرَ عَوْرَتَهُ بِوَرِقِ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ فَصَارَتْ تَطِيرُ مِنْ عَلَى بَدَنِهِ إلَّا وَرِقَ الْحِنَّاءِ فَاسْتَمَرَّ عَلَى بَدَنِهِ قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ) أَمَّا فِي وَقْتِهَا فَلَا يُصَلِّي لِتَأْخِيرِ السَّبَبِ مَا لَمْ يُحْرِمْ بِالْحَرَمِ الْمَكِّيِّ قَوْلُهُ: (فِي دَوَامِ إحْرَامِهِ) خَرَجَ ابْتِدَاؤُهُ فَلَا يُسَنُّ الرَّفْعُ بَلْ يُسْمِعُ نَفْسَهُ فَقَطْ؛ مَنْهَجٌ قَوْلُهُ: (وَيَرْفَعَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى (إكْثَارَ) عَلَى حَدِّ: وَلُبْسِ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي قَوْلُهُ: (الذَّكَرُ) بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى فَيُكْرَهُ لَهُمَا الرَّفْعُ. وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَذَانِهِمَا حَيْثُ حُرِّمَ فِيهِ ذَلِكَ بِالْإِصْغَاءِ إلَى الْأَذَانِ وَاشْتِغَالِ كُلِّ أَحَدٍ بِتَلْبِيَتِهِ عَنْ سَمَاعِ تَلْبِيَةِ غَيْرِهِ، مَنْهَجٌ.
قَوْلُهُ: (لَبَّيْكَ إلَخْ) أَيْ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِك إقَامَةً بَعْدَ إقَامَةٍ وَإِجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ، وَهُوَ مُثَنًّى، أَيْ عَلَى صُورَتِهِ، أُرِيدَ بِهِ التَّكْثِيرُ، وَسَقَطَتْ نُونُهُ لِلْإِضَافَةِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ " وَإِجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ " أَيْ لِدَعْوَةِ إبْرَاهِيمَ، لَمَّا قَالَ اللَّهُ لَهُ: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: ٢٧] إلَخْ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ حُجُّوا» . وَقَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ نُونُهُ لِلْإِضَافَةِ، وَأَصْلُهُ " لِبَيْنٍ لَك " بِكَسْرِ النُّونِ حُذِفَتْ نُونُهُ لِلْإِضَافَةِ، وَاللَّامُ لِلتَّخْفِيفِ وَالْعَامِلُ فِيهِ مَحْذُوفٌ أَيْ: أُلَبِّي لِبَيْنٍ لَك، وَلَبَّيْكَ الثَّانِيَةُ تَأْكِيدٌ، وَكَذَا الثَّالِثَةُ. وَسَنَّ وَقْفَةً لَطِيفَةً عَلَى الثَّالِثَةِ وَعَلَى " لَبَّيْكَ " بَعْدَ " لَا شَرِيكَ لَك " وَوَقْفَةً عَلَى الْمُلْكِ وَقَبْلَ " لَا شَرِيكَ لَك ". وَلَا يَتَكَلَّمُ أَثْنَاءَ تَلْبِيَةٍ، نَعَمْ يَنْدُبُ رَدُّ السَّلَامِ وَإِنْ كَرِهَ التَّسْلِيمَ عَلَيْهِ. وَيَتَّجِهُ جَوَازُهَا بِالْعَجَمِيَّةِ وَلَوْ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ، وَقَدْ يَجِبُ الْكَلَامُ فِي أَثْنَائِهَا لِعَارِضٍ كَإِنْقَاذِ نَحْوِ أَعْمَى يَقَعُ فِي مَهْلَكٍ. اهـ. ز ي وم ر وَيُكْرَهُ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ عِنْدَ السَّادَةِ الْمَالِكِيَّةِ الْإِجَابَةُ بِقَوْلِهِ " لَبَّيْكَ " فِي غَيْرِ الْحَاجِّ جَوَابًا لِمَنْ خَاطَبَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute