للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنْ شَرَّفَهُ وَكَرَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا. اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ فَأَحْيِنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ وَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِهِ، وَيَبْدَأُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ إلَّا لِعُذْرٍ كَإِقَامَةِ جَمَاعَةٍ وَضِيقِ وَقْتِ صَلَاةٍ، وَيَخْتَصُّ بِطَوَافِ الْقُدُومِ حَلَالٌ وَحَاجٌّ دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ لَا لِنُسُكِ بَلْ. لِنَحْوِ تِجَارَةٍ سُنَّ لَهُ إحْرَامٌ بِنُسُكٍ.

التَّنْبِيهُ الثَّانِي: وَاجِبَاتُ الطَّوَافِ بِأَنْوَاعِهِ ثَمَانِيَةٌ: الْأَوَّلُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ. وَالثَّانِي طُهْرٌ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ وَأَكْبَرَ وَعَنْ نَجَسٍ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، فَلَوْ زَالَا فِي الطَّوَافِ جَدَّدَ السَّتْرَ وَالطُّهْرَ وَبَنَى عَلَى طَوَافِهِ، وَالثَّالِثُ جَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ مَارًّا.

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي نَفْسِهِ أَنْ يَفْضُلَ، عَلَى غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْبُيُوتِ؛ قِيلَ: وَتَكْرِيمًا أَيْ تَفْضِيلًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَنْ يَفْضُلَ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَهَابَ قِيلَ وَمَهَابَةً، فَلْيُتَأَمَّلْ ق ل. وَالتَّعْظِيمُ: التَّبْجِيلُ، وَالتَّكْرِيمُ: التَّفْضِيلُ، وَالْمَهَابَةُ: التَّوْقِيرُ وَالْبِرُّ الْإِحْسَانُ قَوْلُهُ: (أَنْتَ السَّلَامُ) أَيْ ذُو سَلَامَةٍ مِنْ النَّقَائِصِ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا قَوْلُهُ: (وَمِنْك السَّلَامُ) أَيْ السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ، فَحَيِّنَا رَبَّنَا أَيْ يَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ أَيْ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الْآفَاتِ؛ فَالثَّانِي وَالثَّالِثُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. فَائِدَةٌ: وَرَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ الْبَيْتَ بِأَنْ يَحُجُّهُ فِي كُلِّ عَامٍ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ فَإِنْ نَقَصُوا كَمُلُوا بِمَلَائِكَةٍ، وَأَنَّ الْكَعْبَةَ تُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالْعَرُوسِ الْمَزْفُوفِ فَكُلُّ مَنْ حَجَّهَا يَتَعَلَّقُ بِأَسْتَارِهَا وَيَسْعَوْنَ حَوْلَهَا حَتَّى تَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَيَدْخُلُونَ مَعَهَا، ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (وَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ) الْأَوْلَى: فَيَدْخُلُ، كَمَا فِي الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: (مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) الْمُسَمَّى بِبَابِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْبُيُوتَ تُؤْتَى مِنْ أَبْوَابِهَا. وَشَيْبَةُ اسْمُ رَجُلٍ، مِفْتَاحُ الْكَعْبَةِ فِي يَدِ وَلَدِهِ، وَهُوَ ابْنُ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْوُقُوفِ) أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ انْتِصَافِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ يَدْخُلُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ، وَلَا يَطْلُبُ طَوَافُ الْقُدُومِ حِينَئِذٍ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (بِأَنْوَاعِهِ) أَيْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَطَوَافِ الْقُدُومِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ وَالطَّوَافِ الْمَنْذُورِ وَطَوَافِ التَّحَلُّلِ. وَالْمُرَادُ بِوَاجِبَاتِهِ شُرُوطُهُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَكَانَ أَوْلَى قَوْلُهُ: (فَلَوْ زَالَا إلَخْ) فَإِنْ كَانَ فَاقِدًا لِلسَّتْرِ جَازَ الطَّوَافُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ بِهِ نَجَاسَةٌ أَوْ كَانَ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ لَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ فَاقِدًا لِلْمَاءِ جَازَ الطَّوَافُ مُطْلَقًا بِالتَّيَمُّمِ؛ وَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ إلَّا إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ. وَهَذَا هُوَ حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا السِّجِّينِيُّ. وَمِنْ الْحَدَثِ الْحَيْضُ، فَيُمْتَنَعُ أَنْ تَطُوفَ حَتَّى تَطْهُرَ، فَإِنْ رَحَلَ الْحَاجُّ وَخَافَتْ مِنْ التَّخَلُّفِ فَلَهَا الرَّحِيلُ بِلَا طَوَافٍ. وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا مُحْرِمَاتُ الْإِحْرَامِ وَيَسْتَمِرُّ فِي ذِمَّتِهَا، فَإِذَا قَدَرَتْ عَلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ طَافَتْ بِلَا نِيَّةٍ لِأَنَّ إحْرَامَهَا بَاقٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ ق ل. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَسَيَأْتِي أَنْ مَنْ حَاضَتْ قَبْلَ طَوَافِ الرُّكْنِ وَلَمْ يُمَكِّنْهَا الْإِقَامَةُ حَتَّى تَطْهُرَ لَهَا أَنْ تَرْحَلَ، فَإِذَا وَصَلَتْ إلَى مَحَلٍّ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ مِنْهُ إلَى مَكَّةَ جَازَ لَهَا حِينَئِذٍ أَنْ تَتَحَلَّلَ بِذَبْحٍ فَحَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ مَعَ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ كَالْمَحْصِرِ، وَتَحِلُّ حِينَئِذٍ مِنْ إحْرَامِهَا وَيَبْقَى الطَّوَافُ فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تَعُودَ؛ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَأَنَّهَا تَحْتَاجُ عِنْدَ فِعْلِهِ إلَى إحْرَامٍ لِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَجِّ بِالتَّحَلُّلِ. وَقَوْلُهُ " إنَّهَا تَحْتَاجُ عِنْدَ فِعْلِهِ إلَى إحْرَامٍ " أَيْ لِلْإِتْيَانِ بِالطَّوَافِ دُونَ مَا فَعَلَتْهُ قَبْلُ كَالْوُقُوفِ. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (وَبَنَى) وَإِنْ تَعَمَّدَ وَطَالَ الْفَصْلُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْوَلَاءِ. وَالْأَوْلَى الِاسْتِئْنَافُ، فَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ اسْتَأْنَفَ وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَدَثِ وَبَيْنَ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْعِبَادَةِ، وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ بِهِمَا عَنْهَا. اهـ. عَنَانِيٌّ قَوْلُهُ: (جَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ) فَيَجِبُ كَوْنُهُ خَارِجًا بِكُلِّ بَدَنِهِ عَنْهُ، فَلَوْ مَسَّ الْبَيْتَ مَثَلًا أَوْ أَدْخَلَ جُزْءًا مِنْهُ فِي هَوَاءِ الشَّاذَرْوَانِ أَوْ هَوَاءِ غَيْرِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَيْتِ لَمْ يَصِحَّ بَعْضُ طَوْفَتِهِ كَمَا قَالَهُ م ر فِي شَرْحِهِ. قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ فِي مَنَاسِكِهِ: لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَقَوْلُهُ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَذَلِكَ لِمُخَالَفَةِ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ. الْعَرَبَ كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَيَجْعَلُونَهُ عَنْ يَمِينِهِمْ، رَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ اهـ وَقَوْلُهُ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَخْ " بِهَذَا يُجَابُ عَمَّا يُقَالُ هَلَّا جَعَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>