للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ: وَاجِبَاتُ السَّعْيِ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ يَبْدَأُ بِالصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ. وَالثَّانِي أَنْ يَسْعَى سَبْعًا ذَهَابُهُ مِنْ الصَّفَّا إلَى الْمَرْوَةِ مَرَّةً وَعَوْدُهُ مِنْهَا إلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَسْعَى بَعْدَ طَوَافِ رُكْنٍ أَوْ قُدُومٍ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَ السَّعْيِ وَطَوَافِ الْقُدُومِ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، وَمَنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ قُدُومٍ لَمْ تُسَنُّ لَهُ إعَادَتُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَهُ سُنَنٌ ذَكَرْتهَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ.

التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ: وَاجِبُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ حُضُورُهُ بِجُزْءٍ مِنْ أَرْضِهَا وَإِنْ كَانَ مَارًّا فِي طَلَبِ آبِقٍ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُحْرِمًا أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ لَا مُغْمًى عَلَيْهِ جَمِيعُ وَقْتِ الْوُقُوفِ وَلَا بَأْسَ بِالنَّوْمِ، وَوَقْتُ الْوُقُوفِ مِنْ وَقْتِ زَوَالِ الشَّمْسِ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَى فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَوْ وَقَفُوا الْيَوْمَ الْعَاشِرَ غَلَطًا وَلَمْ يَقِلُّوا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ أَجْزَأَهُمْ وُقُوفُهُمْ، فَإِنْ قَلُّوا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَجَبَ الْقَضَاءُ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

عِنْدَ سَمَاعِ الدُّعَاءِ وَالْمَلَكُ كُلِّفَ قَوْلَ آمِينَ؛ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ عِنْدَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَالرُّكْنُ الْأَسْوَدُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَمَا مِنْ أَحَدٍ يَدْعُو عِنْدَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ إلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْمِيزَابِ» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» وَعَنْ عَطَاءٍ قَالَ: «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُكْثِرُ مِنْ اسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ: قَالَ: مَا أَتَيْت عَلَيْهِ قَطُّ إلَّا وَجِبْرِيلُ قَائِمٌ عِنْدَهُ يَسْتَغْفِرُ لِمَنْ يَسْتَلِمُهُ» وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: " مَا مِنْ إنْسَانٍ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَيَدْعُو إلَّا اُسْتُجِيبَ لَهُ. وَإِنَّ بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالرُّكْنِ الْأَسْوَدِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يُفَارِقُونَهُ هُمْ هُنَالِكَ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ الْبَيْتَ ". قَالَ م ر: وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ أَعْمَالِ الْحَجِّ حَتَّى الْوُقُوفُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّ أَفْضَلَهَا الْوُقُوفُ لِخَبَرِ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ» وَلِهَذَا لَا يَفُوتُ الْحَجُّ إلَّا بِفَوَاتِهِ، وَلَمْ يَرِدْ غُفْرَانٌ فِي شَيْءٍ مَا وَرَدَ فِي الْوُقُوفِ، فَالصَّوَابُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ لِأَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِالصَّلَاةِ وَقُرْبَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَالْوُقُوفُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ كَوْنِ الْحَجِّ يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ وَالطَّوَافُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ. وَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ وَالزَّرْكَشِيِّ عَلَى الثَّانِي اهـ.

وَقَوْلُهُ " مُشَبَّهٌ بِالصَّلَاةِ " أَيْ وَلِذَا لَمْ تُشْتَرَطْ الطَّهَارَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ حَتَّى الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ إلَّا فِيهِ.

قَوْلُهُ: (بِالصَّفَا) بِالْقَصْرِ طَرَفُ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ، وَالْمَرْوَةُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّفَا لِأَنَّ الصَّفَا وَسِيلَةٌ وَالْمَرْوَةُ مَقْصِدٌ وَالْمَقَاصِدُ أَفْضَلُ مِنْ الْوَسَائِلِ وَلِأَنَّهَا مُرُورُ الْحَاجِّ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ وَالصَّفَا مُرُورُهُ ثَلَاثًا، أَيْ يَرْجِعُ إلَيْهَا ثَلَاثُ مَرَّاتٍ اهـ خ ض.

قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ) فَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا الْوُقُوفُ امْتَنَعَ السَّعْيُ إلَّا بَعْدَ طَوَافِ الْفَرْضِ، فَيُمْتَنَعُ أَنْ يَسْعَى بَعْدَ طَوَافِ نَفْلِ مَعَ إمْكَانِهِ بَعْدَ طَوَافِ فَرْضِ مَنْهَجٍ. قَوْلُهُ (وَلَهُ سُنَنٌ) مِنْهَا الْمَشْيُ.

قَوْلُهُ: (بِجُزْءٍ مِنْ أَرْضِهَا) وَلَوْ كَانَ رَاكِبًا عَلَى دَابَّةٍ فِي أَرْضِهَا، بَلْ وُقُوفُهُ رَاكِبًا أَفْضَلُ أَوْ كَانَ عَائِمًا فِي الْمَاءِ فِي أَرْضِهَا أَوْ عَلَى شَجَرَةٍ بِعَرَفَةَ، بِخِلَافِ مَا إذَا رَكِبَ عَلَى طَيْرٍ طَائِرٍ فِي هَوَاءِ عَرَفَاتٍ أَوْ رَكِبَ عَلَى السَّحَابِ فَلَا يَكْفِي فَلَيْسَ لِهَوَائِهَا حُكْمُهَا، فَلَوْ طَارَ فِيهِ لَمْ يَجُزْهُ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ سَعَى طَائِرًا أَوْ طَافَ طَائِرًا فَإِنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِهِمَا، عَنَانِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مَارًّا فِي طَلَبِ آبِقٍ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا عَرَفَةُ وَعَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ صَرَفَ الْوُقُوفَ إلَى غَيْرِهِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، بَلْ وَإِنْ نَفَاهُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَرَاجَعَهُ ق ل. وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الطَّوَافِ: بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ أَشْبَهَتْ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ. وَأَلْحَقَ السَّعْيَ وَالرَّمْيَ بِالطَّوَافِ لِأَنَّهُ عَهْدُ التَّطَوُّعِ بِنَظِيرِهِمَا، وَلَا كَذَلِكَ الْوُقُوفُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ كَالسَّعْيِ لِلْمَسَاجِدِ وَرَمْيِ الْعَدُوِّ بِالْأَحْجَارِ. قَالَ سم: وَقَدْ يَدُلُّ اقْتِصَارُهُ عَلَيْهِمَا عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ كَالْوُقُوفِ فَلْيُرَاجَعْ.

قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُحَرَّمًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (غَلَطًا) أَيْ لِأَجْلِ الْغَلَطِ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى حَالَ كَوْنِهِمْ غَالِطِينَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ لَهُمْ أَثْنَاءَ الْوُقُوفِ أَنَّهُ الْعَاشِرُ لَا يَضُرُّ م د. وَفِيهِ أَنَّهُ إنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْعَاشِرُ أَثْنَاءَ الْوُقُوفِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَالَ مُقَارَنَتِهِ لِلْوُقُوفِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ لَحْظَةٌ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ الْغَلَطُ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ لَا يَضُرُّ. وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ " غَلَطًا " أَيْ لِأَجْلِ الْغَلَطِ فِي الرُّؤْيَةِ وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ قَبْلَهُ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>