للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَصَحُّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ، وَلَوْ أَحْرَمَ حَالَ النَّزْعِ صَحَّ فِي أَحَدِ أَوْجُهٍ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ لِأَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ بِجِمَاعٍ.

تَنْبِيهٌ: يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ فِي الْحَجِّ بِفِعْلِ اثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ وَهِيَ: رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ وَالْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ وَالطَّوَافُ الْمَتْبُوعُ بِالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ قَبْلُ، وَيَحِلُّ بِهِ اللُّبْسُ وَسَتْرُ الرَّأْسِ لِلرَّجُلِ وَالْوَجْهِ لِلْمَرْأَةِ، وَالْحَلْقُ وَالْقَلْمُ وَالطِّيبُ وَالصَّيْدُ، وَلَا يَحِلُّ بِهِ عَقْدُ النِّكَاحِ وَلَا الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لِمَا رَوَى النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ «إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» وَإِذَا فَعَلَ الثَّالِثَ بَعْدَ الِاثْنَيْنِ حَصَلَ التَّحَلُّلُ الثَّانِي وَحَلَّ بِهِ بَاقِي الْمُحَرَّمَاتِ بِالْإِجْمَاعِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِمَا بَقِيَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَهُوَ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ كَمَا أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَتُطْلَبُ مِنْهُ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ، لَكِنَّ الْمَطْلُوبَ هُنَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ وَهُنَاكَ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ، أَمَّا الْعُمْرَةُ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْحَجَّ يَطُولُ زَمَنُهُ وَتَكْثُرُ أَعْمَالُهُ فَأُبِيحَ بَعْضُ مُحَرَّمَاتِهِ فِي وَقْتٍ وَبَعْضُهَا فِي وَقْتٍ آخَرَ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ الْحَيْضُ وَالْجَنَابَةُ لَمَّا طَالَ زَمَنُ الْحَيْضِ جُعِلَ لِارْتِفَاعِ مَحْظُورَاتِهِ مَحِلَّانِ انْقِطَاعُ الدَّمِ وَالِاغْتِسَالُ، وَالْجَنَابَةُ لَمَّا قَصُرَ زَمَنُهَا جُعِلَ لِارْتِفَاعِ مَحْظُورَاتِهَا مَحِلٌّ وَاحِدٌ.

(وَ) إذَا جَامَعَ الْمُحْرِمُ (لَا يَخْرُجُ مِنْهُ) أَيْ الْإِحْرَامُ (بِالْفَسَادِ) بَلْ يَجِبُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِ نُسُكِهِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الِاسْتِلْذَاذَ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ م د.

قَوْلُهُ: (بِفِعْلِ اثْنَيْنِ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْحَلْقَ لَيْسَ بِنُسُكٍ حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِوَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ الرَّمْيُ أَوْ الطَّوَافُ وَحَصَلَ لَهُ التَّحَلُّلُ الثَّانِي بِالثَّانِي اهـ. وَيُتَّجَهُ مِثْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ، شَوْبَرِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ. وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

رَمْيٌ وَحَلْقٌ مَعَ طَوَافٍ تُبِعَا ... بِالسَّعْيِ ذِي ثَلَاثٌ فَاسْتَمِعَا

بِاثْنَيْنِ مِنْهَا يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ ... إلَّا النَّسَا وَبِالثَّلَاثِ يَحْصُلُ

قَوْلُهُ: (وَالْقَلْمُ) أَيْ وَالدَّهْنُ، فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ فَجُمْلَةُ مَا يَحِلُّ بِهِ ثَمَانِيَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحِلُّ بِهِ) أَيْ لَا يَحِلُّ بِهِ الِاثْنَانِ الْبَاقِيَانِ مِنْ الْعَشَرَةِ، فَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ ذِكْرُ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ الْعَاشِرُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْ إطْلَاقُ الْمُبَاشَرَةِ عَنْ تَقْيِيدِهَا بِمَا دُونَ الْفَرْجِ فَتَكُونُ شَامِلَةً لَهُ، فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ ق ل.

قَوْلُهُ: (إذَا رَمَيْتُمْ) أَيْ وَطُفْتُمْ أَوْ حَلَقْتُمْ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ وَفِي رِوَايَةٍ: «إذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ» . قَوْلُهُ: (إلَّا النِّسَاءَ) أَيْ الْعَقْدَ عَلَيْهِنَّ وَوَطْأَهُنَّ وَمُقَدِّمَاتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرَّمْيُ) أَيْ رَمْيُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.

قَوْلُهُ: (تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ) وَهُوَ يَحْصُلُ بِأَعْمَالِهَا، أَعْنِي الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالْحَلْقَ أَوْ التَّقْصِيرَ. قَوْلُهُ: (مُحِلَّانِ) تَثْنِيَةُ مُحِلٍّ، اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَحَلَّ ضِدُّ حَرَّمَ م د.

قَوْلُهُ: (انْقِطَاعُ الدَّمِ) قَالَ فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ: وَإِذَا انْقَطَعَ لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ طُهْرٍ غَيْرُ صَوْمٍ وَطَلَاقٍ وَطُهْرٍ اهـ. وَمُرَادُهُ بِالطُّهْرِ الْأَوَّلِ الرَّافِعُ لِلْحَدَثِ، وَبِالثَّانِي غَيْرُهُ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْوُضُوءِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا جَامَعَ الْمُحْرِمُ) أَيْ جِمَاعًا يُفْسِدُ نُسُكَهُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ رَقِيقًا. قَوْلُهُ: (بَلْ يَجِبُ) بِخِلَافِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ حَيْثُ يَخْرُجُ مِنْهَا بِالْفَسَادِ كَالصَّوْمِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ الْحَجَّ شَدِيدُ التَّعَلُّقِ وَاللُّزُومِ، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ بِالْمَوْتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا مَاتَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَإِنَّ آثَارَهُ بَاقِيَةٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ: «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» فَعَدَمُ خُرُوجِهِ مِنْهُ بِغَيْرِهِ أَوْلَى فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ وَطِئَ قَبْلَ اشْتِغَالِهِ بِأَعْمَالِهِ فَسَدَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ وَهُوَ الْقَضَاءُ، وَالْبَدَنَةُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِهِ ثَانِيًا لِيَأْتِيَ بِحَجٍّ صَحِيحٍ وَيَتَخَلَّصَ مِنْ الْبَدَنَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ شَدِيدُ التَّعَلُّقِ فَيَكُونُ لَازِمًا لِلْمُحْرِمِ حَتَّى يَأْتِيَ بِأَعْمَالِهِ.

قَوْلُهُ: (فِي فَاسِدِ نُسُكِهِ) خَرَجَ بِالْفَاسِدِ الْبَاطِلُ كَأَنْ ارْتَدَّ فِيهِ، فَلَا يَجِبُ الْمُضِيُّ فِيهِ ق ل. وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ الْفَاسِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>