للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَقْطُوعَيْنِ، لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَوِقَايَةَ الرَّجُلِ عَنْ النَّجَاسَةِ مَأْمُورٌ بِهِمَا فَخُفِّفَ فِيهِمَا وَالْحَصْرُ فِيمَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ، فَقَدْ اُسْتُثْنِيَ صُوَرٌ لَا فِدْيَةَ فِيهَا مِنْهَا مَا إذَا أَزَالَ مَا نَبَتَ مِنْ شَعْرٍ فِي عَيْنِهِ وَتَأَذَّى بِهِ، وَمِنْهَا مَا إذَا أَزَالَ قَدْرَ مَا يُغَطِّيهَا مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ وَحَاجِبَيْهِ إذَا طَالَ بِحَيْثُ سَتَرَ بَصَرَهُ، وَمِنْهَا مَا لَوْ انْكَسَرَ ظُفْرُهُ فَقَطَعَ الْمُؤْذِيَ مِنْهُ فَقَطْ. تَنْبِيهٌ: دَخَلَ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ التَّرَفُّهَ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي تَعْدَادِ الْأَنْوَاعِ دَمُ الِاسْتِمْتَاعِ كَالتَّطَيُّبِ وَاللُّبْسِ، وَمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ، وَالْجِمَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ، وَدَهْنِ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَلَوْ مَحْلُوقَيْنِ، وَأَلْحَقَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ بِذَلِكَ بَحْثًا الْحَاجِبَ وَالْعِذَارَ وَالشَّارِبَ وَالْعَنْفَقَةَ. وَفَصَّلَ ابْنُ النَّقِيبِ فَأَلْحَقَ بِاللِّحْيَةِ مَا اتَّصَلَ بِهَا كَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَالْعِذَارِ دُونَ الْحَاجِبِ وَالْهَدِبِ وَمَا عَلَى الْجَبْهَةِ وَمَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ وَأَنَّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.

(وَهُوَ) أَيْ الدَّمُ الْوَاجِبُ بِمَا ذُكِرَ هُنَا (عَلَى التَّخْيِيرِ) وَالتَّقْدِيرِ فَتَجِبُ (شَاةٌ) مُجْزِئَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ سُبْعِ بَدَنَةٍ أَوْ سُبْعِ بَقَرَةٍ (أَوْ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً (أَوْ التَّصَدُّقُ بِثَلَاثَةِ آصُعَ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ صَاعٍ (عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ) لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ وَتَقَدَّمَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ بَيَانُ الصَّاعِ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ فَحَلَقَ {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] . فَائِدَةٌ: سَائِرُ الْكَفَّارَاتِ لَا يُزَادُ الْمِسْكِينُ فِيهَا عَلَى مُدٍّ إلَّا فِي هَذَا.

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ) كَاللُّبْسِ لِلْحَرِّ وَالْبَرْدِ قَوْلُهُ: (إلَّا لُبْسُ السَّرَاوِيلِ) أَيْ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا وَلَمْ يُمْكِنْ الِاتِّزَارُ بِهَا.

وَقَوْلُهُ " وَالْخُفَّيْنِ " أَيْ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَجُوزُ مِنْ النَّعْلَيْنِ وَالتَّاسُومَةِ وَالْقَبْقَابِ. تَتِمَّةٌ: لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبِسَ السَّرَاوِيلَ، لَكِنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا. وَقَوْلُ الْهَدْيِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهَا لِيَلْبَسَهَا؛ غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَقَدْ يَكُونُ اشْتَرَاهَا لِبَعْضِ عِيَالِهِ.

قَوْلُهُ: (مَمْنُوعٌ) أَيْ إنْ كَانَ حَقِيقِيًّا قَوْلُهُ: (أَوْ مُؤَوَّلٌ) أَيْ بِأَنَّ الْحَصْرَ إضَافِيٌّ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلُّبْسِ قَوْلُهُ: (مِنْهَا مَا إذَا أَزَالَ إلَخْ) وَيُحْمَلُ الْأَذَى الَّذِي فِي الْآيَةِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: {أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: ١٩٦] ، أَيْ بِسَبَبِ قَمْلٍ أَوْ وَسَخٍ مَثَلًا، قَوْلُهُ: (كَالتَّطَيُّبِ) بَقِيَ لِلْكَافِ الْجِمَاعُ الثَّانِي بَعْدَ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ، فَكَمُلَتْ الْأَفْرَادُ الثَّمَانِيَةُ.

قَوْلُهُ: (وَفَصَّلَ ابْنُ النَّقِيبِ) ذُكِرَ فِيمَا سَبَقَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ دُونَ ابْنِ النَّقِيبِ، لَكِنَّ الْمَذْكُورَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ ابْنُ النَّقِيبِ قَوْلُهُ: (آصُعَ) أَصْلُهُ أَصْوُعَ أُبْدِلَ مِنْ وَاوِهِ هَمْزَةٌ مَضْمُومَةٌ فَصَارَ أَصْؤُعَ، ثُمَّ نُقِلَتْ ضَمَّةُ الْهَمْزَةِ لِلصَّادِ فَصَارَ أَصْؤُعَ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الصَّادِ، ثُمَّ قُدِّمَتْ الْهَمْزَةُ عَلَى الصَّادِ فَصَارَ أَأْصُعَ، ثُمَّ قُلِبَتْ الْهَمْزَةُ أَلِفًا فَصَارَ آصُعَ؛ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَعْمَالٍ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ بِإِيضَاحٍ. وَوَزْنُهُ أَعْفُلْ؛ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ الْمُقَدَّمَةَ عَيْنُ الْكَلِمَةِ وَالصَّادَ فَاؤُهَا قَوْلُهُ: (أَوْ نُسُكٍ) أَيْ ذَبْحِ شَاةٍ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ الدَّمُ الْوَاجِبُ) هَذَا هُوَ الثَّانِي فِي نَظْمِ ابْنِ الْمُقْرِي، وَنَصُّهُ:

وَالثَّانِ تَرْتِيبٌ وَتَعْدِيلٌ وَرَدْ ... فِي مُحْصَرٍ وَوَطْءِ حَجٍّ إنْ فَسَدْ

إنْ لَمْ يَجِدْ قَوَّمَهُ ثُمَّ اشْتَرَى ... بِهِ طَعَامًا طُعْمَةً لِلْفُقَرَا

ثُمَّ لِعَجْزٍ عَدْلُ ذَاكَ صَوْمًا ... أَعْنِي بِهِ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا

فَيَجِبُ هَذَا الدَّمُ فِي شَيْئَيْنِ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَحَدَهُمَا وَسَيَذْكُرُ الْآخَرَ فِي الْخَامِسِ؛ وَأَخَّرَهُ لِفُحْشِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>