للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالثَّالِثُ الدَّمُ الْوَاجِبُ) بِالْإِحْصَارِ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ عَنْ إتْمَامِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ. وَسَكَتَ عَنْ بَيَانِ الدَّمِ هُنَا وَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ كَمَا سَيَأْتِي (فَيَتَحَلَّلُ) جَوَازًا بِمَا سَيَأْتِي لَا وُجُوبًا سَوَاءٌ أَكَانَ حَاجًّا أَمْ مُعْتَمِرًا أَمْ قَارِنًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَنْعُ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ أَمْ بِغَيْرِهِ مَنَعَ مِنْ الرُّجُوعِ أَمْ لَا وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ وَأَرَدْتُمْ التَّحَلُّلَ {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] إذْ الْإِحْصَارُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُوجِبُ الْهَدْيَ، وَالْأَوْلَى لِلْمُحْصَرِ الْمُعْتَمِرِ الصَّبْرُ عَنْ التَّحَلُّلِ وَكَذَا لِلْحَاجِّ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى التَّعْجِيلُ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ. نَعَمْ إنْ كَانَ فِي الْحَجِّ وَتَيَقَّنَ زَوَالَ الْحَصْرِ فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْحَجِّ بَعْدَهَا أَوْ فِي الْعُمْرَةِ وَتَيَقَّنَ قُرْبَ زَوَالِهِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ امْتَنَعَ تَحَلُّلُهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهَذَا أَحَدُ الْمَوَانِعِ مِنْ إتْمَامِ النُّسُكِ وَهِيَ سِتَّةٌ. وَثَانِي الْمَوَانِعِ الْحَبْسُ ظُلْمًا كَأَنْ حُبِسَ بِدَيْنٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ كَمَا فِي الْحَصْرِ الْعَامِّ، وَلَا تَحَلُّلَ بِالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ كَإِضْلَالِ طَرِيقٍ فَإِنْ شَرَطَ فِي إحْرَامِهِ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ (وَيَهْدِي) الْمُحْصَرُ إذَا أَرَادَ التَّحَلُّلَ (شَاةً) أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ سُبْعِ إحْدَاهُمَا حَيْثُ أُحْصِرَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (بِالْإِحْصَارِ) أَيْ الْعَامِّ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ أَوْ الْخَاصِّ كَبَقِيَّةِ الْمَوَانِعِ الْآتِيَةِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ) فَلَوْ ظَنَّ أَنْ لَا طَرِيقَ آخَرَ فَتَحَلَّلَ فَبَانَ أَنَّ ثَمَّ طَرِيقًا آخَرَ يَتَأَتَّى مِنْهَا سُلُوكُهُ فَيَنْبَغِي تَبَيَّنَ عَدَمُ صِحَّةِ التَّحَلُّلِ، م ر سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ: (عَنْ إتْمَامِ الْحَجِّ) أَيْ أَرْكَانِ الْحَجِّ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ قَوْلُهُ: (أَوْ الْعُمْرَةِ) (أَوْ) مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتَجَوَّزَ الْجَمْعُ قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ سُكُوتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الدَّمَ لَا بَدَلَ لَهُ، قَوْلُهُ: (فَيَتَحَلَّلُ) أَيْ يَنْوِي الْخُرُوجَ مِنْ الْإِحْرَامِ وَوَرْطَتِهِ. قَوْلُهُ: (جَوَازًا) وَلَهُ أَنْ يُصَابِرَ الْإِحْرَامَ مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَوْلُهُ: (بِمَا سَيَأْتِي) أَيْ بِذَبْحِ شَاةٍ وَنِيَّةُ التَّحَلُّلِ الْمُقَارِنَةُ لَهُ. وَنَصُّ كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي فِي مَعْنَى التَّعْدِيلِ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ فِيهِ بِالتَّقْوِيمِ وَالْعُدُولِ إلَى غَيْرِهِ بِحَسَبِ الْقِيمَةِ قَوْلُهُ: (أَمْ بِغَيْرِهِ) كَمَنْعِ الْكُفَّارِ مَثَلًا الْحَاجَّ عَنْ الْبَيْتِ حَسَدًا لَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذُوا مَالًا أَوْ يَقْتُلُوا أَوْ يُخِيفُوا الطَّرِيقَ كَمَا فِي مَنْعِ الْمُشْرِكِينَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا كَالْحَبْسِ، لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا يَأْتِي؛ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ مُنِعْتُمْ أَيْ وَأَرَدْتُمْ التَّحَلُّلَ قَوْلُهُ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ فَعَلَيْكُمْ مَا اسْتَيْسَرَ، أَيْ تَيَسَّرَ أَيْ فَالْوَاجِبُ مَا اسْتَيْسَرَ أَوْ فَأَهْدُوا،. اهـ. بَيْضَاوِيٌّ قَوْلُهُ: (لَا يُوجِبُ الْهَدْيَ) بَلْ إنَّمَا يُوجِبُهُ التَّحَلُّلُ مَعَهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الْوُصُولِ إلَى عَرَفَاتٍ فَالْأَوْلَى التَّعْجِيلُ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ أَيْ فَوَاتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ حَالَةَ إحْرَامِهِ فَيَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَاتَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ لَزِمْته الْإِعَادَةُ وَإِنْ تَحَلَّلَ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ حَلَالًا؛ تَأَمَّلْ، قَوْلُهُ (نَعَمْ إلَخْ) فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ قُرْبُ زَوَالِهِ، قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ الْإِحْصَارُ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ، وَيُسَمَّى الْإِحْصَارُ الْعَامُّ وَمَا بَعْدَهُ إحْصَارٌ خَاصٌّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (كَأَنْ حُبِسَ بِدَيْنٍ) أَيْ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَقَوْلُهُ " وَهُوَ " أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ قَوْلُهُ: (وَلَا تَحَلُّلَ بِالْمَرَضِ) أَيْ لَا خُرُوجَ مِنْ الْإِحْرَامِ، أَيْ مَا لَمْ يَشْرِطْ التَّحَلُّلَ بِالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " فَإِنْ شَرَطَ إلَخْ " قَالَ أج: وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَشُقَّ مَعَهُ بَقَاؤُهُ مُحْرِمًا وَإِنْ لَمْ يُبَحْ التَّيَمُّمُ، ز ي قَوْلُهُ: (فَإِنْ شَرَطَ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَلَا تَحَلُّلَ بِالْمَرَضِ إنْ لَمْ يَشْرِطْهُ فَإِنْ شَرَطَهُ إلَخْ، فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ فَلَيْسَ لَهُ تَحَلُّلٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ زَوَالَ الْعُذْرِ، بِخِلَافِ التَّحَلُّلِ بِالْإِحْصَارِ؛ بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَزُولَ عُذْرُهُ، فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ أَتَمَّهَا أَوْ بِحَجٍّ وَفَاته تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ؛ مَنْهَجٌ قَوْلُهُ: (بِسَبَبِ ذَلِكَ) أَيْ الْمَرَضِ وَنَحْوِهِ، وَهَذَا حَيْثُ قَالَ: إذَا مَرِضْتُ تَحَلَّلْتُ، فَيَتَحَلَّلُ إذَا وُجِدَ الْمَرَضُ بِالْحَلْقِ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ مَا لَمْ يَشْرِطْ هَدْيًا، وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ؛ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: إذَا مَرِضْتُ فَأَنَا حَلَالٌ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ حَلَالًا بِنَفْسِ الْمَرَضِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى شَيْءٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ سُبْعِ إحْدَاهُمَا) أَيْ حَيًّا فَلَا يَكْفِي السُّبْعُ لَحْمًا قَوْلُهُ: (حَيْثُ أُحْصِرَ) أَيْ يُهْدِيَ الشَّاةَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>