للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِلَفْظِ السَّلَمِ (فَجَائِزٌ إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ) الْمَشْرُوطُ ذِكْرُهَا فِيهِ (عَلَى مَا وُصِفَتْ بِهِ) الْعَيْنُ الْمُسَلَّمُ فِيهَا مَعَ بَقِيَّةِ شُرُوطِهِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهِ.

(وَ) الثَّالِثُ (بَيْعُ عَيْنٍ غَائِبَةٍ) عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ حَاضِرَةٍ فِيهِ (لَمْ تُشَاهَدْ) لِلْعَاقِدَيْنِ (فَلَا يَجُوزُ) لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ. تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِالْجَوَازِ فِيمَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ مَا يَعُمُّ الصِّحَّةَ وَالْإِبَاحَةَ، إذْ تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ.

وَالرَّابِعُ بَيْعُ الْمَنَافِعِ وَهُوَ الْإِجَارَةُ وَسَيَأْتِي؛

وَلِلْمَبِيعِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا ثَلَاثَةً:

ــ

[حاشية البجيرمي]

السَّلَمِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ. وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ " يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ " لَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الشَّارِحُ قَصَرَ هَذَا النَّوْعَ الثَّانِي عَلَى السَّلَمِ وَذَلِكَ لَا خَلَلَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قُصُورٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَشْمَلُ غَيْرَ السَّلَمِ مِمَّا بِيعَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ السَّلَمِ؛ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بِلَفْظِ السَّلَمِ صَوَابٌ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَصَرَهُ عَلَيْهِ مِنْ السَّلَمِ، فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ: وَلَوْ بِلَفْظِ السَّلَمِ لَمْ يُوَافِقُ قَصْرُهُ إيَّاهُ عَلَى السَّلَمِ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا لِلْقَلْيُوبِيِّ.

قَوْلُهُ: (مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ) الذِّمَّةُ مَعْنَاهَا لُغَةً الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ وَشَرْعًا مَعْنًى قَائِمٌ بِالذَّاتِ يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ وَالِالْتِزَامِ مِنْ جِهَةِ الْمُكَلَّفِ ق ل.

قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ السَّلَمِ) لَوْ قَالَ: وَلَوْ بِلَفْظِ السَّلَمِ لَكَانَ صَوَابًا؛ قَالَهُ ق ل. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ السَّلَمَ لَهُ أَحْكَامٌ وَالْبَيْعُ فِي الذِّمَّةِ لَهُ أَحْكَامٌ، فَأَحْكَامُ السَّلَمِ يُشْتَرَطُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ وَلَا الْحَوَالَةُ بِهِ وَلَا عَلَيْهِ، وَيَصِحُّ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ الثَّمَنِ فِي الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفِ لَا بِجَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مُطْلَقًا وُجِدَتْ الصِّفَةُ أَوْ لَا، وَتَقْدِيرُ الْمَحْذُوفِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُهُ إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ قَبُولُهُ بَلْ لَهُ الْخِيَارُ، أَوْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ أَيْ ذُكِرَتْ الصِّفَةُ أَيْ ذُكِرَتْ فِي الْعَقْدِ عَلَى مَا وُصِفَتْ بِهِ، أَيْ مَعَ مَا وُصِفَتْ بِهِ أَيْ مَعَ مَا وَصَفَهَا بِهِ الْأَئِمَّةُ، أَيْ اعْتَبَرُوهُ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا فِي الْعَقْدِ؛ وَحِينَئِذٍ فَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِجَائِزٍ. قَوْلُهُ: (مَعَ بَقِيَّةِ شُرُوطِهِ) كَتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ عَقْدُ السَّلَمِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الْمُرَادَ عَقْدُ الْبَيْعِ.

قَوْلُهُ: (لَمْ تُشَاهَدْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِغَائِبَةٍ، فَشَمِلَ الصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي الشَّرْحِ، وَالشَّارِحُ جَعَلَهُ قَيْدًا فِي الثَّانِيَةِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْأُولَى لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا وَإِنْ شُوهِدَتْ؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَلَى التَّفْصِيلِ، فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّهُ حُذِفَ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ لَمْ تُشَاهَدْ كُلٌّ مِنْ الْغَائِبَةِ وَالْحَاضِرَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ قَوْلُهُ " لَمْ تُشَاهَدْ " مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَكَيْفَ يَكُونُ صِفَةً لِحَاضِرَةٍ الْوَاقِعَةِ مِنْ الشَّارِحِ، فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنَّ غَائِبَةً يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ لَمْ تُشَاهَدْ فَهُوَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ " بِقَوْلِهِ: أَوْ حَاضِرَةٍ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (مَا يَعُمُّ الصِّحَّةَ) فَقَوْلُهُ " فَجَائِزٌ " أَيْ صَحِيحٌ وَمُبَاحٌ، وَقَوْلُهُ " فَلَا يَجُوزُ " أَيْ فَلَا يَصِحُّ وَلَا يُبَاحُ.

قَوْلُهُ: (وَالْإِبَاحَةَ) لَوْ أَسْقَطَ هَذِهِ لَكَانَ صَوَابًا لِيَشْمَلَ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ الْحَرَامَ وَالْمَكْرُوهَ كَبَيْعِ الْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ، فَإِنَّهُ إنْ ظَنَّ الْبَائِعُ ذَلِكَ حَرُمَ أَوْ تَوَهَّمَهُ كُرِهَ لِأَنَّ الِاعْتِنَاءَ بِعُمُومِ الْأَحْكَامِ أَوْلَى مِنْهُ بِمَعَانِي الْأَلْفَاظِ، فَإِنْ أُرِيدَ إبَاحَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَهُوَ مُسْتَدْرِكٌ لِأَنَّ الصِّحَّةَ كَافِيَةٌ عَنْهُ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَالرَّابِعُ بَيْعُ الْمَنَافِعِ إلَخْ) لَوْ جَعَلَ هَذَا الرَّابِعَ بَيْعَ حَقِّ الْمَمَرِّ كَمَا تَقَدَّمَ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا، إذْ الْإِجَارَةُ لَا تُسَمَّى بَيْعًا لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ تَعْرِيفِهِ وَتَسْمِيَتُهَا بَيْعًا تَجَوُّزٌ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَلِلْمَبِيعِ إلَخْ) لَوْ قَالَ: وَلِلْعِوَضِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ لِشُمُولِهِ لِلثَّمَنِ ق ل. وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُهُ بِالْمَبِيعِ مَا يَشْمَلُ الثَّمَنَ، فَإِنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مُثَمَّنًا كَانَ أَوْ ثَمَنًا.

وَاعْلَمْ أَنَّ الثَّمَنَ النَّقْدُ وَالْمَبِيعَ مُقَابِلُهُ وَإِنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبَاءُ، وَإِنْ كَانَا نَقْدَيْنِ أَوْ عَرْضَيْنِ فَالثَّمَنُ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبَاءُ وَالْمَبِيعُ مُقَابِلُهُ، فَالثَّمَنُ فِي قَوْلِنَا: بِعْتُك هَذَا الدِّينَارَ بِحِمَارِ الدِّينَارِ، وَفِي قَوْلِنَا: بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِحِمَارِ الْحِمَارِ اهـ م د.

وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الشَّارِحَ جَرَى عَلَى ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِي الْمَبِيعِ غَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>