وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أَيْ مُقَابَضَةً، فَإِنَّهُ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا التَّقَوُّتُ فَأُلْحِقَ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ.
وَنَصَّ عَلَى التَّمْرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّفَكُّهُ وَالتَّأَدُّمُ. فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالتِّينِ وَالزَّبِيبِ، وَعَلَى الْمِلْحِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْمُصْطَكَى وَالزَّنْجَبِيلِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يُصْلِحُ الْغِذَاءَ أَوْ يُصْلِحُ الْبَدَنَ، فَإِنَّ الْأَغْذِيَةَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ (مِثْلًا بِمِثْلٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِ كُلٍّ مِثْلًا مُقَابِلًا بِمِثْلٍ.
قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ) تَوْكِيدٌ وَإِشَارَةٌ إلَى الْمُسَاوَاةِ فِي الْمِقْدَارِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ تَصْدُقُ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَبِحَسَبِ الْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ ح ل. وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ الْمِثْلِيَّةِ إلَى الْمَكِيلِ وَالتَّسْوِيَةِ إلَى الْمَوْزُونِ؛ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (يَدًا بِيَدٍ) أَيْ مُقَابَضَةً، فَيَدًا بِيَدٍ حَالٌ مِنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولُ هُوَ الْمَجْرُورُ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ: يُبَاعُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا اخْتَلَفَتْ) أَيْ وَاتَّحَدَتْ عِلَّةُ الرِّبَا.
قَوْلُهُ: (أَيْ مُقَابَضَةً) تَفْسِيرٌ لِمَجْمُوعِ يَدًا بِيَدٍ.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ) زِيَادَةُ الْمِثَالِ الثَّانِي هُنَا لِدَفْعِ إرَادَةِ أَكْمَلِ الْأَقْوَاتِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبُرِّ. اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (وَالذُّرَةِ) وَالتُّرْمُسِ لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ بَعْدَ نَقْعِهِ فِي الْمَاءِ، وَأَظُنُّهُ يُتَدَاوَى بِهِ، وَمِثْلُهُ الْحُلْبَةُ فَإِنَّهُ يُتَدَاوَى بِهَا، أَمَّا الْخَضْرَاءُ فَلَيْسَتْ رِبَوِيَّةً، وَفِي الْحَدِيثِ: «لَوْ تَعْلَمُ أُمَّتِي مَا فِي الْحُلْبَةِ لَاشْتَرَوْهَا وَلَوْ بِوَزْنِهَا ذَهَبًا» كَمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْبَرَكَةِ. وَمِمَّا جُرِّبَ لِوَرَمِ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَوْ كَبُرَتْ وَنَفَرَتْ سَوَاءٌ كَانَتْ لَحْمًا أَوْ رِيحًا أَوْ الرِّيحُ الْمَعْقُودُ تَأْخُذُ مِنْ الْحُلْبَةِ جُزْءًا وَمِنْ الْبَابُونَجِ جُزْءًا ثُمَّ تَغْلِيهِمَا مَعًا وَيَشْرَبُ الْعَلِيلُ مِنْهُ قَدْرَ فِنْجَانٍ ثُمَّ يَتَفَوَّرُ عَلَى الْبَاقِي فَإِنَّهُ جَيِّدٌ لِكُلِّ وَرَمٍ سَوَاءٌ كَانَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا، يَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، مُجَرَّبٌ مِرَارًا بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ، وَقَدْ جَرَّبْته بَعْدَ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَحَصَلَ الشِّفَاءُ. وَالْمَاءُ الْعَذْبُ رِبَوِيٌّ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: ٢٤٩] وَالْبُنُّ رِبَوِيٌّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ، أَيْ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قِسْمِ مَا قُصِدَ بِهِ التَّدَاوِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّيْءَ إمَّا أَنْ يُقْصَدَ بِهِ طُعْمُ الْآدَمِيِّ أَوْ الْبَهَائِمِ أَوْ طُعْمِهِمَا مَعًا، فَاَلَّذِي قُصِدَ بِهِ طُعْمُ الْآدَمِيِّ رِبَوِيٌّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ غَلَبَ تَنَاوُلُ الْآدَمِيِّ لَهُ أَوْ لَا؛ بَلْ قَالَ الَأُجْهُورِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ نَقْلًا عَنْ الزِّيَادِيِّ: وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ الْآدَمِيُّونَ.
وَاَلَّذِي قُصِدَ بِهِ طُعْمُ الْبَهَائِمِ غَيْرُ رِبَوِيٍّ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الَّذِي قُصِدَ بِهِ طُعْمُهُمَا مَعًا فَإِنْ غَلَبَ تَنَاوُلُ الْآدَمِيِّ لَهُ أَوْ كَانَ أَكْلُهُ لَهُ وَالْبَهَائِمُ سَوَاءٌ فَهُوَ رِبَوِيٌّ، وَأَمَّا إذَا غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ فَهُوَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ. وَالتَّفْصِيلُ فِي ذَلِكَ، أَيْ فِي مَعْرِفَةِ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ قُصِدَ بِهِ طُعْمُ الْآدَمِيِّينَ أَوْ الْبَهَائِمِ، يُعْلَمُ مِنْ نَصِّ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ؛ شَيْخُنَا. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْقَوْلِ، فَقَالَ م ر: إنَّهُ رِبَوِيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَيْثُ قَالُوا: إنَّهُ يَغْلِبُ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ. وَحَمَلَهُ م ر عَلَى أَغْلَبِ الْبِلَادِ، قَالَ ع ش: فَيَكُونُ رِبَوِيًّا لِأَنَّ الْغَلَبَةَ لَيْسَتْ عَامَّةً.
قَوْلُهُ (وَالتَّأَدُّمُ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَالتَّفَكُّهُ يَشْمَلُ التَّأَدُّمَ وَالتَّحَلِّي بِحَلْوَى.
قَوْلُهُ: (الْمِلْحِ) وَمِثْلُهُ النَّطْرُونُ، زِيَادِيٌّ. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ النَّطْرُونِ هَلْ هُوَ رِبَوِيٌّ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ الْإِصْلَاحُ، فَلْيُرَاجَعْ. أَقُولُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ، فَإِنَّا لَا نَعْلَمُ أَيْ إصْلَاحٌ يُرَادُ مِنْهُ مِمَّا هُوَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَطْعُومِ مِنْ الِاقْتِيَاتِ وَالتَّفَكُّهِ وَالتَّأَدُّمِ وَالتَّدَاوِي، وَاَلَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْغِشِّ فِي الْبِضَاعَةِ الَّتِي يُضَافُ إلَيْهَا اهـ. وَنُقِلَ عَنْ ع ش أَيْضًا أَنَّهُ رِبَوِيٌّ، أَيْ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ مَا قُصِدَ بِهِ التَّدَاوِي لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يُتَدَاوَى بِهِ.
قَوْلُهُ: (وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ) كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُعَبَّرَ بِهِ فِيمَا سَبَقَ بَدَلَ قَوْلِهِ " أَوْ تَدَاوِيًا " بِأَنْ يَقُولَ: " أَوْ