للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْفَظُ الصِّحَّةَ وَالْأَدْوِيَةُ تَرُدُّ الصِّحَّةَ. وَلَا رِبَا فِي حَبِّ الْكَتَّانِ وَدُهْنِهِ وَدُهْنِ السَّمَكِ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ لِلطَّعْمِ، وَلَا فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ كَالْعَظْمِ أَوْ الْبَهَائِمِ كَالتِّبْنِ وَالْحَشِيشِ أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ. أَمَّا إذَا كَانَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَالْأَصَحُّ ثُبُوتُ الرِّبَا فِيهِ، وَلَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ جَازَ بَلْعُهُ كَصِغَارِ السَّمَكِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ عَلَى هَيْئَتِهِ.

(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ) عَيْنِ (الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَ) لَا بَيْعُ عَيْنِ (الْفِضَّةِ كَذَلِكَ) أَيْ بِالْفِضَّةِ (إلَّا) بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ الْأَوَّلُ: كَوْنُهُ (مُتَمَاثِلًا) أَيْ مُتَسَاوِيًا فِي الْقَدْرِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ حَبَّةٍ وَلَا نَقْصِهَا. وَالثَّانِي كَوْنُهُ (نَقْدًا) أَيْ حَالًّا مِنْ غَيْرِ نَسِيئَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْهُ. وَالثَّالِثُ: كَوْنُهُ مَقْبُوضًا قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ التَّخَايُرِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ. وَعِلَّةُ الرِّبَا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ جِنْسِيَّةُ الْأَثْمَانِ غَالِبًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ أَيْضًا بِجَوْهَرِيَّةِ الْأَثْمَانِ غَالِبًا وَهُوَ مُنْتَفِيَةٌ عَنْ الْفُلُوسِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعُرُوضِ. وَاحْتُرِزَ بِغَالِبًا عَنْ الْفُلُوسِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

إصْلَاحًا " لِأَنَّهُ عَبَّرَ فِيمَا سَبَقَ بِالْجَامِعِ بَيْنَ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ فِي كُلٍّ وَالْجَامِعُ بَيْنَ الْمِلْحِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ هُوَ الْإِصْلَاحُ لَا التَّدَاوِي، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالتَّدَاوِي فِيمَا سَبَقَ ق ل لَازِمُهُ وَهُوَ الْإِصْلَاحُ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَالْمُصْطَكَى) بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ وَيُمَدُّ فِي الْفَتْحِ فَقَطْ: عِلْكٌ أَيْ مَعْلُوكٌ رُومِيٌّ أَبْيَضُ، نَافِعٌ لِلْمَعِدَةِ وَالْمَقْعَدَةِ وَالْأَمْعَاءِ وَالْكَبِدِ وَالسُّعَالِ شُرْبًا وَالنَّكْهَةُ وَاللِّثَةُ وَيُفَتِّقُ الشَّهْوَةَ وَيَفْتَحُ السُّدُدَ أَيْ الْعُقَدَ الَّتِي فِي الْمَعِدَةِ؛ وَالْأَوْلَى فِي اسْتِعْمَالِهَا فِي التَّدَاوِي شُرْبًا أَنْ تَغْلِيَ وَتُقْصَرَ عَلَى النَّارِ حَتَّى تَنْقُصَ الثُّلُثَ.

قَوْلُهُ: (وَالزَّنْجَبِيلِ) إذَا خُلِطَ بِرُطُوبَةِ كَبِدِ الْمَعْزِ وَجُفِّفَ وَسُحِقَ وَاكْتُحِلَ بِهِ أَزَالَ الْغِشَاوَةَ وَظُلْمَةَ الْبَصَرِ. اهـ. قَامُوسٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ إلَخْ) فِيهِ دَفْعُ تَوَهُّمِ إرَادَةِ مَا يُصْلِحُ الْغِذَاءَ خَاصَّةً ق ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ يُصْلِحَ الْبَدَنَ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِأَنَّ بَيْنَ لَا تُضَافُ إلَّا لِمُتَعَدِّدٍ.

قَوْلُهُ: (تَحْفَظُ الصِّحَّةَ) أَيْ دَوَامُهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا رِبَا فِي حَبِّ الْكَتَّانِ) وَهُوَ بِزْرُهُ، وَإِذَا أُكَلَ فَإِنَّهُ يُقَوِّي شَهْوَةَ الْجِمَاعِ؛ وَكَذَا الْجُمَّارُ كَمَا ذُكِرَ فِي كُتُبِ الطِّبِّ. قَوْلُهُ: (وَدُهْنِهِ) وَهُوَ الزَّيْتُ الْحَارُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَظْهَرُ مَقَاصِدِهِ الطُّعْمَ بَلْ الْإِسْرَاجُ بِهِ. قَوْله: (أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ) هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا كَانَ مَوْضُوعًا لَهُمَا، وَكَذَا قَوْلُهُ " أَمَّا إذَا كَانَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ إلَخْ ".

قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) بَيَانُ الْإِطْلَاقِ مَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (كَصِغَارِ السَّمَكِ) خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي حَيْثُ قَالَ: أَمَّا بَيْعُ السَّمَكِ الْحَيِّ بِمِثْلِهِ فَإِنْ جَوَّزْنَا ابْتِلَاعَهُ حَيًّا لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ اهـ. وَتَابَعَهُ سم فِي شَرْحِ الْكِتَابِ أج.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ عَلَى هَيْئَتِهِ) أَيْ مُدَّةَ دَوَامِ حَيَاتِهِ بِبَقَاءِ رُوحِهِ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ عَيْنٍ) زَادَ لَفْظَ " عَيْنٍ " إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمُمَاثَلَةُ بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ لَا بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الصَّنْعَةِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَلَا أَثَرَ لِقِيمَةِ الصَّنْعَةِ إلَخْ. وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ: لَعَلَّ زِيَادَةَ " عَيْنٍ " لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْحِيلَةِ الْآتِيَةِ. وَقَالَ ق ل: اُنْظُرْ هَلْ لِزِيَادَةِ لَفْظِ عَيْنٍ حِكْمَةٌ أَوْ مُحْتَرَزٌ؟ رَاجِعْهُ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّ زِيَادَتَهَا مُضِرَّةٌ لِأَنَّهَا تُوهِمُ امْتِنَاعَ بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِمِثْلِهِ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ تَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (مُتَمَاثِلًا) أَيْ يَقِينًا بِأَنْ يَعْلَمَهُ كُلٌّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ح ل. وَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي شَرْطَانِ لِلصِّحَّةِ، وَالثَّالِثُ شَرْطٌ لِدَوَامِهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ حَبَّةٍ) أَيْ مَا يُوَازِنُ حَبَّةً، أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَاشْتِمَالِ أَحَدِ الدِّينَارَيْنِ عَلَى فِضَّةٍ؛ وَلِذَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلِيَتَفَطَّنَ لِدَقِيقَةٍ يَغْفُلُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّهُ يَبْطُلُ كَمَا عُرِفَ مِمَّا تَقَرَّرَ بَيْعُ دِينَارٍ مَثَلًا فِيهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا وَلَوْ خَالِصًا وَإِنْ قَلَّ الْخَلِيطُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ مُطْلَقًا، فَإِنْ فُرِضَ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْقِيمَةِ صَحَّ الْبَيْعُ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ امْتِنَاعُ بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا الْآنَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى النُّحَاسِ.

قَوْلُهُ: (فِي شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أج.

قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ كَوْنُهُ مَقْبُوضًا) . أَيْ حَقِيقَةً فَلَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ، وَإِنْ حَصَلَ بِهَا قَبْضٌ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا قَالَهُ ح ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ التَّخَايُرِ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ.

قَوْلُهُ: (وَعِلَّةُ الرِّبَا إلَخْ) أَيْ حِكْمَتُهُ، فَلَا يُنَافِي كَوْنُ حُرْمَةِ الرِّبَا مِنْ الْأُمُورِ التَّعَبُّدِيَّةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ؛ وَإِنَّمَا كَانَ حِكْمَةً لَا عِلَّةً لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَالْحِكْمَةُ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا. وَعِبَارَةُ ق ل: لَوْ قَالَ " وَحِكْمَةُ الرِّبَا " لَكَانَ أَقْوَمَ، إذْ لَا رِبَا فِي غَيْرِهَا وَإِنْ غَلَبَتْ الثَّمَنِيَّةُ فَتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ عَزْوَهُ لِبَرَاءَتِهِ مِنْ عُهْدَتِهِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ، فَقَوْلُهُ " وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>