للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيَجُوزُ) (بَيْعُ الْجِنْسِ مِنْهَا) أَيْ الْمَطْعُومَاتِ (بِغَيْرِهِ) كَالْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ (مُتَفَاضِلًا) بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ كَوْنُهُ (نَقْدًا) أَيْ حَالًّا.

وَالثَّانِي: كَوْنُهُ مَقْبُوضًا بِيَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا، أَوْ قَبْلَ تَخَايُرِهِمَا.

(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَرَرِ) وَهُوَ غَيْرُ الْمَعْلُومِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ إلَّا إذَا كَانَ رَآهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا كَالْأَرْضِ وَالْأَوَانِي وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي الْفَصْلِ قَبْلَ هَذَا. وَتُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ كُلِّ شَيْءٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ، فَفِي الْكِتَابِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ وَرَقَةً وَرَقَةً وَفِي الْوَرَقِ الْبَيَاضُ رُؤْيَةُ جَمِيعِ الطَّاقَاتِ، وَفِي الدَّارِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْبُيُوتِ وَالسُّقُوفِ وَالسُّطُوحِ وَالْجُدْرَانِ وَالْمُسْتَحَمِّ وَالْبَالُوعَةِ وَكَذَا رُؤْيَةُ الطَّرِيقِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَفِي الْبُسْتَانِ رُؤْيَةُ أَشْجَارِهِ وَمَجْرَى مَائِهِ وَكَذَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمَاءِ الَّذِي تَدُورُ بِهِ الرَّحَى خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ. وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ أَسَاسِ جُدْرَانِ الْبُسْتَانِ، وَلَا رُؤْيَةُ عُرُوقِ الْأَشْجَارِ وَنَحْوِهَا، وَيُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ رَأَى آلَةَ بِنَاءِ الْحَمَّامِ وَأَرْضَهَا قَبْلَ بِنَائِهَا لَمْ يَكْفِ عَنْ رُؤْيَتِهَا كَمَا لَا يَكْفِي فِي التَّمْرِ رُؤْيَتُهُ رَطْبًا كَمَا لَوْ رَأَى سَخْلَةً أَوْ صَبِيًّا فَكَمُلَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُمَا بِلَا رُؤْيَةٍ أُخْرَى. وَيُشْتَرَطُ فِي الرَّقِيقِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ رُؤْيَةُ مَا سِوَى الْعَوْرَةِ لَا اللِّسَانُ وَالْأَسْنَانُ، وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ كُلِّهَا حَتَّى شَعَرِهَا، فَيَجِبُ رَفْعُ السَّرْجِ وَالْإِكَافِ وَلَا يُشْتَرَطُ إجْرَاؤُهَا لِيَعْرِفَ سَيْرَهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ اللِّسَانِ وَالْأَسْنَانِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الثَّوْبِ نَشْرُهُ لِيَرَى الْجَمِيعَ وَلَوْ لَمْ يُنْشَرْ مِثْلُهُ إلَّا عِنْدَ الْقَطْعِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الثَّوْبِ رُؤْيَةُ وَجْهَيْ مَا يَخْتَلِفُ مِنْهُ كَأَنْ يَكُونَ صَفِيقًا كَدِيبَاجٍ مُنَقَّشٍ وَبُسُطٍ، بِخِلَافِ مَا لَا يَخْتَلِفُ وَجْهَاهُ كَكِرْبَاسٍ فَيَكْفِي رُؤْيَةُ أَحَدِهِمَا.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَإِنْ حُلِبَ مِنْهُ شَيْءٌ وَرُئِيَ قَبْلَ الْبَيْعِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الصُّوفِ قَبْلَ الْجَزِّ أَوْ التَّذْكِيَةِ لِاخْتِلَاطِهِ بِالْحَادِثِ، فَإِنْ قَبَضَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَائِدَةٌ: سَمْنُ الْبَقَرِ إذَا شُرِبَ نَفَعَ مِنْ شُرْبِ السُّمِّ الْقَاتِلِ وَمِنْ لَدْغِ الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ قَبْلَ تَخَايُرِهِمَا) " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ لِيُوَافِقَ الْمُعْتَمَدَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا مَا فِي غَالِبِ النُّسَخِ الصِّحَاحِ فَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ إسْقَاطِ الْأَلِفِ تَصْلِيحٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَرَرِ) أَيْ الْبَيْعُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْغَرَرِ أَوْ بَيْعُ مَا فِيهِ الْغَرَرُ.

قَوْلُهُ: (بِعَيْنِ الْمَبِيعِ) أَيْ فِي الْمُعَيَّنِ. وَقَوْلُهُ " وَقَدْرُهُ وَصِفَتُهُ " فِيمَا فِي الذِّمَّةِ، فَالْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ ".

قَوْلُهُ: (وَتُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ كُلِّ شَيْءٍ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا فِي شُرُوطِ الْمَبِيعِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ (وَفِي الْوَرَقِ الْبَيَاضُ) أَيْ ذِي الْبَيَاضِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الَّذِي لَمْ يُكْتَبْ فِيهِ فَيَشْمَلُ الْأَصْفَرَ وَغَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ رُؤْيَةِ الْبُيُوتِ) دَاخِلَهَا وَخَارِجَهَا. قَوْلُهُ: (عُرُوقِ الْأَشْجَارِ) أَيْ جُذُورِهَا وَنَحْوِهَا كَوَرَقِهَا مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (سَخْلَةً) أَيْ شَاةً صَغِيرَةً.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِي الرَّقِيقِ إلَخْ) وَظَاهِرُ ذَلِكَ اعْتِبَارُ رُؤْيَةِ بَاطِنِ قَدَمِ الرَّقِيقِ وَحَافِرِ الدَّابَّةِ وَهُوَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ؛ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ، وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِنَا فِي الْأَمَةِ وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ سم.

قَوْلُهُ: (لَا اللِّسَانُ وَالْأَسْنَانُ) وَكَذَا بَاطِنُ الْقَدَمِ وَكَذَا حَافِرُ بَاطِنِ الدَّابَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر، خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ. وَلَوْ قَالَ " وَاللِّسَانُ إلَخْ " لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ، فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى الْعَوْرَةِ؛ لَكِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَيُوهِمُ اشْتِرَاطَ رُؤْيَتِهِمَا فَمَا صَنَعَهُ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّابَّةِ) لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ " يُشْتَرَطُ " وَقَالَ: فِي الدَّابَّةِ إلَخْ بِجَعْلِهِ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ لَكَانَ أَخْصَرَ لَكِنَّ قَصْدَهُ الْإِيضَاحُ. قَوْلُهُ: (وَالْإِكَافِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَهُوَ مَا تَحْتَ الْبَرْذَعَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ إلَخْ) لَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ: حَتَّى شَعَرَهَا مَا عَدَا اللِّسَانَ وَالْأَسْنَانَ، لَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ وَكَانَ أَخْصَرَ.

قَوْلُهُ: (كَكِرْبَاسَ) ثَوْبٌ مِنْ الْقُطْنِ الْأَبْيَضِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ؛ لَكِنَّ مُرَادَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَيَكْفِي رُؤْيَةُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْوَجْهَيْنِ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْجَزِّ أَوْ التَّذْكِيَةِ) هِيَ عِبَارَةُ الرَّوْضِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: " أَوْ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَبِهَا عَبَّرَ فِي نُسْخَةٍ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>