للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَمَّا مُؤَلَّفَةُ المُسْلِمِيْنَ فَعَلَى ضُرُوبٍ: مِنْهُمْ مَنْ لَهُ شَرَفٌ يُرْجَى بِعَطِيَّتِهِ إِسْلاَمُ نَظِيْرِهِ، ومِنْهُمْ: مَنْ يُشَكُّ في حُسْنِ إِسْلاَمِهِ ويُرْجَى بِعَطِيَّتِهِ قُوَّةُ الإِيْمَانِ مِنْهُ والمُنَاصَحَةُ في الجِهَادِ، ومِنْهُمْ: قَوْمٌ في طَرَفِ بِلاَدِ الإِسْلاَمِ إِنْ أُعْطُوا دَفَعُوا عَنِ المُسْلِميْنَ، ومِنْهُمْ: قَوْمٌ إِنْ أُعْطُوا مِنْهَا جَبَوا الزَّكَاةَ مِمَّنْ لاَ يُعْطِيْهَا إلاَّ أَنْ يَخَافَ. فَكُلُّ هَؤُلاَءِ يَجُوزُ الدَّفْعُ إِلَيْهِمْ مِنَ الزَّكَاةِ.

والخَامِسُ: الرِّقَابُ، وهُمُ المُكَاتِبُونَ فَقَطْ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (١)، وإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مَا يُؤَدُّوْنَ دُفِعَ إِلَيْهِمْ / ٧٥ و / بِقَدْرِ مَا يُؤَدُّونَ، ولاَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: أنَّهُ مُكَاتِبٌ إلاَّ بِبَيِّنَةٍ، فَإِنْ صَدَّقَهُ المَوْلَى، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ (٢). ويَجُوزُ للسَّيِّدِ أنْ يَدْفَعَ مِنْ زَكَاتِهِ إلى مُكَاتِبِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ في رِوَايَةِ المَرْوَذِيِّ.

وأَمَّا الرِّوَايَةُ الأُخْرَى: فَالرِّقَابُ جَمِيْعُ الرَّقِيْقِ مِنَ المُكَاتِبِيْنَ وغَيْرِهِمْ، فَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ زَكَاتِهِ رَقَبَةً فَيَعْتِقَهَا إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ لاَ تُعْتَقُ عَلَيْهِ بالرَّحِمِ، ويَجُوزُ أَنْ يَفُكَّ (٣) بِزَكَاتهِ أَسِيْراً مُسْلِماً في يَدِ المُشْرِكِيْنَ، نَصَّ عَلَيْهِ في رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ (٤).

والسَّادِسُ: الغَارِمُونَ، وهُمْ ضَرْبَانِ:

ضَرْبٌ غَرِمَ؛ لإِصْلاَحِ ذَاتِ البَيْنِ، فَيُدْفَعُ إِلَيْهِ وإِنْ كَانَ غَنِيّاً.

وضَرْبٌ غَرِمَ؛ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ في مُبَاحٍ، فَيُعْطَى مَعَ العَجْزِ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ، ولاَ يُعْطَى مَعَ الغِنَى.

ولاَ يُقْبَلُ أنَّهُ غَارِمٌ إلاَّ بِبَيِّنَةٍ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الغَرِيْمُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ (٥)، فَإِنْ غَرِمَ في

مَعْصِيَةٍ لَمْ يُدْفَعْ إِلَيْهِ حَتَّى يَتُوبَ (٦).


(١) قال المرداوي: ((لا يختلف المذهب في ذلك، وعنه: الرقاب: عبيد يشترون، ويعتقون من الزكاة لا غَيْر)). الإنصاف ٣/ ٢٢٨.
(٢) وجعلهما ابن قدامة في المغني ٧/ ٣٢١ وجهين لا روايتين، وكذا في الكافي ١/ ٣٣٤.
(٣) فِي الأصل: يفتك.
(٤) مسائله ١/ ١١٦ (٥٧٥).
(٥) وهي مخرجة على مسألة المكاتب إذا صدقه سيده. انظر: المغني ٧/ ٣٢٥، والشرح الكبير ٢/ ٧٠٠.
(٦) وهذا هو المذهب، وهو اختيار شيخ المصنف أبي يعلى وابن عقيل وأبي البركات وغيرهم؛ لأن أثر الذنب يزول بالتوبة، فالتوبة تجبّ ما قبلها. وعلى هذا اقتصر المصنف، والظاهر: أنّه اختياره.
وفي المذهب وجه آخر، هو عدم الجواز، حسماً للباب؛ لأن احتمال العود قائم لثقته بوجود الوفاء.
انظر: المغني ٧/ ٣٢٤، والمحرر ١/ ٢٢٣، وشرح الزركشي ١/ ١٠٤.

<<  <   >  >>