الكلام: وما أرسلناك إلا جامعا بالإنذار والبشارة للناس كافة، كما حمل عليه قوله تعالى:{وغرايب سود}[فاطر: ٢٧] على التقديم والتأخير، لأن العرب تقدم في هذا النوع لفظ الأشهر على الأغرب، كقولهم: أبيض يقق وأصفر فقاع وأسود حلكوك.
وقيل: إن كافة في الآية بمعنى كاف، وإلحاق الهاء به للمبالغة كالهاء علامة ونسابة.
ومن أوهامهم مما يدخلون عليه لام التعريف والوجه تنكيره قولهم: فعل ذلك من الرأس، لأن العرب تقول: فعله من رأس من غير أن تلحق الألف واللام به.
ــ
الثاني: أن تقع موقعا لا تكون فيه إلا معرفة، وذلك إذا أريد بها شيء قد عرف بمضادة المضاف إليه في معنى لا يضاده فيه إلا هو، كما إذا قلت: مررت بغيرك، أي المعروف بمضادتك، إلا أنها في هذه لا تجري صفة فتذكر غير جارية على الموصوف.
الثالث: أن تقع موقعا تكون فيه نكرة تارة ومعرفة أخرى، كما إذا قلت: مررت برجل كريم غير لئيم. اهـ.
وقد قيل: إنه إذا جاز أن تتعرف بالإضافة فلا مانع من تعريفها باللام أيضا. وكما لا يدخل عليه الألف واللام لا يثنى ولا يجمع، فلا يقال: غيران وأغيار إلا في كلام المولدين، كما صرح به "ابن هشام".
(ولهذا السبب لم تدخل الألف واللام على المشاهير من المعارف مثل دجلة وعرفة وذكاء ونحوه، لوضوح اشتهارها والاكتفاء عن تعريفها بعرفان ذواتها).
لا يخفي ما فيه، فإنه قياس مع الفارق، لأن ما ذكره أعلام، والأعلام جنسية أو شخصية لا تدخلها اللام، فما ذكره ليس مما نحن فيه.
وأما إدخال اللام على كل فنقل "المعري" في "رسالة الغفران" أن "أبا علي الفارسي" كما يجيزه وينقله عن "سيبويه"، وليس بشائع في قديم كلام العرب، وأنشد "لسحيم" شاهدا عليه وهو قوله: