للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

(رأيت الغني والفقير كليهما ... إلى الموت يأتي للكل معمدا)

وأما لإدخالها على بعض فأجازه في شرح "الهادي" وأنشد غليه لمجنون بني عامر:

(لا تنكر البعض من ديني فتجحده ... ولا تحدثني أن سوف تقضيني)

(ونظير هذا الوهم قولهم: حضرت الكافة، فيوهمون فيه أيضا على ما حكاه "ثعلب" فيما فسره من معاني القرآن).

يعني أنه لا بد من تنكيره ونصبه على الحال، وذو الحال من العقلاء، وهذا مما اشتهر وإن لم يصف من الكدر.

وتحريره بعد ذكر كلام النحاة وأهل اللغة فيه أنه قال في شرح "اللباب": من الأسماء ما يلزم النصب على الحال استعمالا نحو: طرا وكافة وقاطبة، واستهجنوا إضافتها في كلام "الزمخشري" و"الحريري" كقوله في خطبة "المفصل": محيطا بكافة الأبواب، وهو مما خطى فيه، ومخطئه هو المخطى، لأنا إذا علمنا وضع لفظ لمعنى عام بنقل من السلف وتتبع لموارد استعماله في كلام من يعتد به ويستشهد بكلامه، ورأيناهم استعملوع على حالة مخصوصة من الإعراب والتعريف [والتنكير] ونحوه، فهل يمتنع استعماله على خلاف ما ورد به مع صدق معناه الوضعي عليه أم لا؟ وعلى تقديره جوازه فهل نقول: إنه حقيق أو مجاز؟

ومثاله ما نحن فيه، فإن كافة ورد عن العرب بمعنى الجميع، لكنهم استعملوه منكرا منصوبا وفي الناس خاصة، ومقتضى لوضع ألا يلزمه ما ذكر فيستعمل كما استعمل "جميعا" معرفا ومنكرا بوجوه الإعراب في الناس وغيرهم، والظاهر الجواز. لأنا لو اقتصرنا في الألفاظ على ما استعملته العرب العاربة والمستعربة حجرنا الواسع وعسر التكلم بالعربية على من بعدهم، ولما لم يخرج عما وضع له فهو حقيقة، والذي يشهد له العقل السليم أنه

<<  <   >  >>