الآية تعليمًا وتأديبًا، وقيل معناه: لا تقولن ذلك القول إلا أن يشاء الله أن تقوله، بأن يأذن لك فيه (وَاذْكُرْ رَبَّكَ) أي: مشيئته، وقل إن شاء الله (إِذَا نَسِيتَ): إذا فرط منك نسيان، يعني: إذا أنسيت كلمة الاستثناء ثم تنبهت عليها فتداركها بالذكر. وعن ابن عباس: للحالف أن يستثني ولو بعد سنة، قال ابن جرير: السُّنَّة أن يقول ذلك حتى ولو كان بعد الحنث، ليكون أتيا بسنة الاستثناء لا لأن يكون رافعًا للحنث مسقطًا للكفارة، وقال: هذا هو الصحيح الأليق بحمل كلامه عليه، وقد نقل عن ابن عباس إن هذا خاصة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي إنه لا يحنث إن استثني ولو بعد سنين، وقيل معناه إنه تعالى أرشد من نسى الشيء من كلامه إلى أن يذكر الله، فإن النسيان منشؤه الشيطان، وذكر الله يطرده فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان (وَقُل عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا) أي: يدلني ويعطيني من الآيات الدالة على نبوتي ما يكون أقرب وأدل في الرشد من قصة أصحاب الكهف، وقيل معناه إذا سُئلت عن شيء لا تعلمه فتوجه إلى الله في أن يوفقك لأقرب طريق إليه وقيل معناه واذكر ربك إذا نسيت شيئًا، واذكر ربك أن تقول عند نسيانه عسى ربي أن يهدين لشيء آخر بدل المنسى أقرب من المنسى رشدًا (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) هذا إخبار من الله بمقدار لبثهم منذ أرقدهم الله إلى أن بعثهم، وسنين: عطف بيان لثلاثمائة عند من قرأ مائة بالتنوين (وَازْدَادُوا تِسْعًا) فإن مقداره ثلاث مائة سنة وتسع بالهلالية، فيكون بالشمسية ثلاث مائة سنة، لأن تفاوت ما بين كل مائة سنة بالقمرية إلى الشمسية ثلاث سنين (قُل): يا محمد (اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبثُوا) فلا