جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ): من الرسول والكتاب، يعني إرسال هذا الرسول إليهم ليس ببدع، فإنه مثل ما أرسلنا إلى آبائهم الأقدمين، وأم منقطعة، أي: بل جاءهم ما لم يأت آباءهم فلذلك أنكروا، (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ): بالحسب والنسب والصدق والأمانة، (فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ): والمجنون لا يصلح للنبوة، (بَلْ جَاءَهُم بِالْحَقِّ): من عند الله لا بالمهمل من الجنون، (وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ)، فعدم الاتباع لأنه لا يوافق مشتهاهم، قيد الحكم بالأكثر لأن فيهم من لم يؤمن لتوبيخ قومه أو لقلة فطنته وعدم تدبره، (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ) أي: الله أو القرآن، (أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ): فإن أهواءهم أن تكون له شريك وولد، منهم من يريد عظمة نفسه وحقارة غيره، ومنهم من يريد عكسه فيمضي إلى نساء العالم، فإنه يلزم النقيضين وهو محال، (بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ): بكتاب هو وعظهم، أو هو صيتهم وشرفهم، (فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ أَمْ تَسْأَلُهُمْ): على التبليِغ، (خَرْجًا): أجرًا أو جعلاً، (فَخَرَاجُ رَبِّكَ): عطاؤه وأجره، (خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) أم هذه قسيم أم يقولون به جنة فهذا إلزام لهم به للسبب، والتقسيم في أنه كإبراهيم وغيره رسول معروف الحال عندكم تام العقل ليس له طمع في خسائس أموالكم، فما هو إلا أنه يريد هدايتكم، (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوَهُمْ إِلَى صِرَاط مُّسْتَقِيمٍ) أي: الإسلام، (وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ): ً الذي تدعوهم إليه، (لَنَاكبُونَ): عادلون، (وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ): من القحط والشدائد، (لَلَجُّوا): أثبتوا، (فِي طُغْيَانِهِمْ): إفراطهم في المعاصي، (يَعْمَهُونَ): متحيرين، (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ): بالمصائب والشدائد من الموت ونقص الثمار