للأصنام سخرية (أَلا تَأكُلُونَ): من الأطعمة التي حواليكم، فإن قومه يضعون الأطعمة بين أيديهم ويرجعون ويأكلون للتبرك (مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ): تعديته بعلى للاستعلاء وأن الميل لمكروه (ضَربًا بِالْيَمِينِ) مصدر لراغ عليهم؛ لأنه بمعنى ضربهم أو لمحذوف أو حال بمعنى ضاربًا ضربهم باليد اليمني، لأنه أشد، وقيل بالقسم الذي سبق منه، وهو " تالله لأكيدن أصنامكم "(فأَقْبَلُوا إِلَيْهِ) إلى إبراهيم بعد ما رجعوا ورأوا إهلاك آلهتهم، وبحثوا عن كاسرها، وظنوا أنه هو (يَزِفُّونَ): يسرعون (قَالَ): لهم إبراهيم (أَتَعبدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) أي: وما تعملونه بقرينة ما تنحتون يعني: هل المخلوقات لخالق واحد يعبد أحدهما الآخر، وكلمة ما عامة تتناول ما يعملونه من الأوضاع والحركات والمعاصي والطاعات وغيرها، والمراد بأفعال العباد المختلف فيها هو ما يقع بكسب العبد، ويستند إليه مثل الصوم والصلاة والأكل، والشرب ونحوهما مما يسمى الحاصل بالمصدر لا نفس الإيقاع الذي هو من الاعتبارات العقلية كما تقول: يفعلون الزكاة يقيمون الصلاة يعملون الصالحات والسيئات، ولما غفل عن هذه النكتة كثير من الفضلاء بالغوا في نفي كون ما موصولة والإنصاف أن الآية محتملة لما قررنا ولأن يكون المراد ما تعملونه من الأصنام فلم يبعد الاستدلال مع الاحتمال والله أعلم (قَالُوا ابنوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ): في النار الشديدة بنوا له حائطًا من الحجر طوله ثلاثون وعرضه عشرون، وأوقدوا فيه النار بملئه، وطرحوه فيه (فأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا): شرًّا (فَجَعَلْنَاهُمُ الأسفَلِينَ): الأذلين بإبطال كيدهم وتفصيل القصة في سورة الأنبياء (وقالَ): بعد خروجه من النار (إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى ربي): إلى مرضاة ربي (سيَهْدِينِ): إلى صلاح داري، فهاجر إلى الشام (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) أي: بعض الصالحين يعني