من فرعون، (أَتَقتلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ) أي: لأن يقول: (رَبِّيَ اللهُ): وحده، (وَقَدْ جَاءكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ): المعجزات على صدقه، (مِنْ ربِّكُمْ)، هذا إظهار لإيمانه وإرشاد ثم أخذ في الاحتجاج فقال:(وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ): وبال كذبه على نفسه لا يتخطاه، (وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ) أي: لا أقلَّ من أن يصبكم (بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ)، ففيه إظهار الإنصاف وكمال الشفقة فإنه بنى الكلام في النصح على التنزل (إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ)، كلام ذو وجهين يعني لو كان مسرفًا لما هداه الله إلى البينات، ولو كان كاذبًا فهو غير مهتد، فخلوا سبيله ولا تعظموا شأنه وكان فيه تعريضًا لفرعون بالإسراف والكذب (يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ)، وهذا من تتمة نصحه (ظَاهِرِينَ في الْأَرْضِ): غالبين في مصر، (فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللهِ): عذابه، (إِنْ جَاءنَا)، فلا تتعرضوا لبأس الله بقتله، (قَالَ فِرْعَوْنُ): حين منع من قتله: (مَا أُرِيكُمْ): من الرأي، أي: لا أشير عليكم، (إِلَّا مَا أَرَى): من المصلحة يعني قتله، (وَمَا أَهْدِيكُمْ)، بهذا الرأى:(إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ): طريق صلاحكم، (وَقَالَ الَّذِى آمَنَ) من قوم فرعون: (يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ)؛ يوم وقائع الأمم الماضية، (مِثْلَ دَأْبِ)