(أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) هم بنو قريظة والنضير (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ) من المدينة (لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ) نوافقكم ونرافقكم (وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ) في إخلاف ما وعدناكم وفي قتالكم (أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ) وقد وقع كذلك فإن ابن أبي وأصحابه عاهدوهم على ذلك ثم أخلفوهم (وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ) على الفرض (لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ) لَينهزمون (ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ) بعد ولا ينفعهم نفاقهم. قيل: معناه لينهزمن اليهود، ثم لا ينفعهم نصرة المنافقين (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً) مرهوبية مصدر فعل المجهول؛ لأنَّهُم مرهوب منهم لا راهبون (فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ) لأن نفاقهم من خوفكم، ولو خافوا من الله لتركوا النفاق (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ) فإنه لو كان لهم دراية، لعلموا أن الله هو الحقيق بأن يخشى (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ) اليهود (جَمِيعًا) مجتمعين (إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ) لا يبرزون لقتالكم لفرط خشيتهم منكم وإن كانوا مجتمعين (بَأْسُهُمْ) شدتهم في الحرب (بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ)، يعني إذا حارب بعضهم بعضًا فيشتد بأسهم لكن إن قاتلوكم لم يبق لهم تلك الشدة (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا) متفقين (وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) متفرقة وأصل الحرب الاتفاق (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ) فإن العقل هو الداعي إلى الاتحاد والاتفاق، وعن بعض تحسبهم أي: اليهود والمنافقين (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا أي: مثل اليهود كمثل الذين استقروا من قبلهم في زمان قريب، وهم أهل بدر