الآخرة، لما نزلت غمت الصحابة " فقالوا هلكنا، فقلوبنا ليست بأيدينا، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قولوا سعنا وأطعنا، فقالوها " فنزلت " آمن الرسول " إلى " عليها ما اكتسبت " فنسختها، وتجاوز لهم عن حديث النفس وصرح بنسخها أكثر السلف، وبعضهم صرحوا بعدم نسخها، وقالوا: يخبرهم الله يوم القيامة بما أخفوا في أنفسهم، فيغفر للمؤمنين، ويؤاخذ أهل الشك والنفاق، فمعنى المحاسبة: الإخبار، وعن عائشة رضى الله عنها " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين سألت عن الآية: هذه معاتبة الله العبد بما يصيبه الله من الحمى والنكبة، حتى البضاعة يضعها في يد قميصه فيفقدها، فيفزع لها، حتى أن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير "، فعلى هذا المحاسبة المؤاخذة، لكن المحاسبة إما في الدنيا، وإما في الآخرة، (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ) مغفرته، (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ) تعذيبه، (وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) من المحاسبة وغيرها، (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ) وجه نزول الآية قد ذكرناه وهو أنهم قالوا: " سمعنا وأطعنا " لا كما قال أهل الكتاب: " سمعنا وعصينا "(البقرة: ٩٣) قوله: " والمؤمنون " عطف على الرسول، (كُل): من الرسول والمؤمنين، (آمَنَ بِاللهِ وَمَلاِئكَتهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) يقولون، (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) في الإيمان بهم، ولا نقول:" نؤمن ببعض ونكفر ببعض "[النساء: ١٥٠]، (وَقَالُوا سَمِعنا)، قول الله، (وَأَطَعْنَا) أمره، نسأل، أو اغفر،