(فَقَدْ بَاءَ): رجع (بِغَضَب مِنَ اللهِ وَمَأوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ): جهنم، أكثر السلف على أن هذا في يوم بدر خاصة (١)، ولهذا " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم فيه: " اللهم إن تهلك هذه العصابة، فلن تعبد في الأرض أبدًا "، وأما في سائر الحروب فجاز الفرار إذا كان الكفار أكثر من مثليهم وعن بعض الفرار مطلقًا حرام وكبيرة إلا عن هذين السببين، وعن بعض هذا خاصة الصحابة (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ) تقديره: إن فخرتم بقتلهم يوم بدر، فلم تقتلوهم بقوتكم (وَلَكِنَّ الله قَتَلَهُمْ): بأن أظفركم عليهم، وأرسل الملائكة وألقى الرعب في قلوبهم، نزلت حين انصرفوا عن القتال يتفاخرون، يقولون: قتلنا فلانًا أو أسرنا فلانًا، فهو تعالى يبين أنه خالق أفعالهم وأنه المحمود على جميع خير صدر عنهم (وَمَا رَمَيْتَ): يا محمد قبضة التراب في أعينهم (إِذْ رَمَيْتَ) أتيت بصورة الرمي (وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى) أتى بما هو غاية الرمي، فصورة الرمي منك، وحقيقتها مني كأنه قال: ما رميت خلقًا إذ رميت كسبا،
(١) فيه إشكال، فإن الآية نزولها إن كانت قبل وقعة بدر لها فائدة لكن ما قبل الآية وما بعدها صريح في أن نزولها بعد وقعته، إلا أن يقال: مضمونها وحكمها قبل كما في " فثبتوا الذين آمنوا سألقي " لكن لفظها للامتنان بعد تأمل فإنك لا ترى مفسرًا حام حول تحقيقها. اهـ (حاشية الكتاب).