للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أو أنَّه خرَّج حديثًا واحدًا، لكن يبقى السؤال: ما الكتب التي قرأها على شيوخه؟ ثمَّ جلس بين أحضان الكتب ليقرأ، ويستقرئ، ويدون، ويكتب، ويسجل من بطون الكتب والمراجع في دفاتره الخاصة؟ فهؤلاء قوم أرادوا أن يتزببوا قبل أن يتحصرموا أرادوا أن يبلغوا المجد قبل أن يلعقوا الصبر لكن ستكون النتيجة غير المتوقعة، فأَقولُ لهؤلاءِ وغيرهم ممن فُتنوا بالدنيا ومظاهرها، وممن أَرادوا الشهرة، توبوا إلى اللَّه، وجددوا النية للَّه رب العالمين تفلحوا في الدارين، ارجعوا إلى مشايخكم؛ وتعلموا منهم حتى تكونوا بحق كما تحبون طلابَ علمٍ حقيقيين؛ تنفعوا أنفسكم أولًا، وتنفعوا غيركم بمشيئة اللَّه تعالى، أقول ذلك؛ لأن المطابع طفحت من ألوف الكتب التي تنتشر في الأسواق وتتناولها أيدي الناس، وفيها أغلاط واضحة وأغلاط مشكلة، ونقص وتحريف؛ لذلك فإن من حقوق علمائنا السابقين علينا أن نعمل على نشر كتبهم وضبطها ضبطًا صحيحًا، وإن لم نستطع السداد فلنقارب، ومما يؤيد كلامنا هذا ما قاله الشيخ العلامة أحمد شاكر في مقدمة تحقيقه لجامع الترمذي (١/ ١٦):

أما ما نراه "من المطابع وما تجترحه من جرائم تسميها كتبًا -ألوف من النسخ من كل كتاب، تُنشر في الأسواق والمكاتب، تتناولها أيدي الناس، ليس فيها صحيح إلا قليلًا، يقرؤها العالم المتمكن، والمتعلم المستفيد، والعامي الجاهل، وفيها أغلاط واضحة، وأغلاط مشكلة، ونقص وتحريف، فيضطرب العالم المتثبت، إذ هو وقع على خطأ في موضع نظر وتأمل، ويظن بما علم الظنون، ويخشى أن يكون هو المخطئ فيراجع ويراجع، حتى يستبين له وجه الصواب، فإذا به قد أضاع وقتًا نفيسًا، وبذل جهدًا هو إليه أحوج، ضحية لعب من مصحح في مطبعة، أو عمد من ناشر أمي يأبى إلا أن يوسد الأمر إلى غير أهله، ويأبى إلا أن يركب رأسه، فلا يكون مع رأيه رأي، ويشتبه الأمر على المتعلم الناشئ، في الواضح والمشكل، وقد يثق بالكتاب بين يديه،

<<  <  ج: ص:  >  >>