للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال أبو زيد: وقال يعني هذا الرجل: عليكم، فضمّ الكاف.

ومما يؤكد كسر الهاء أن ناسا من بكر بن وائل قالوا:

بكم، و «فضل أحلامكم» «١»، فكسروا تشبيها لها بالهاء من حيث اجتمعا في الهمس وعلامة الضمير، فإذا أجروا هذا مجرى الهاء لقيام شبهين من الهاء فيه، فإتباع الهاء الكسرة للمشابهات التي فيها من حروف اللين وكثرتها أولى، واستجازة غيره أبعد.

ومن ثمّ ألحق الكاف حرف اللين من ألحق، فقال:

أعطيتكاه للمذكّر، وأعطيتكيه للمؤنث، كما ألحقه الهاء في أعطيتهاه، وأعطيتهوه، لاجتماعهما فيما ذكرت لك «٢»، فكسرهم للكاف في بكم «٣» يدلّ على استحكام الكسرة في الهاء وكثرتها فيها.

فإن قال قائل: إنّ الضمة هي الأصل في عليهم وبهم ونحو ذلك بدلالة أن علامة المضمر المجرور كعلامة المضمر المنصوب المتصل، وأنّ ما جاز فيه الكسر جاز فيه الضمّ، نحو (بهو وبدارهو الأرض) وليس كل ما جاز فيه الضم يجوز فيه الكسر، تقول: هذا له، وسكنت داره، ولا يجوز كسر الهاء في شيء من ذلك. وإذا كان استعمال الضمّ فيه أعمّ وكان الأصل، وجب أن يكون أوجه من الكسر. قيل: إن كون الضمّ الأصل ليس ممّا يجب من أجله أن يختار على الكسر مع مجاورة الكسرة أو الياء، لأنّه قد تحدث أشياء توجب تقديم غير الأصل


(١) قطعة من بيت للحطيئة في ديوانه ص ١٤٠، والكامل للمبرد ص ٥٣٤، وتمامه:
وإن قال مولاهم على جلّ حادث ... من الدهر ردّوا فضل أحلامكم ردّوا
(٢) سقطت هذه الكلمة من (ط).
(٣) في (ط): في نحو بكم.