وقرأ حمزة وابن عامر:(ألم تروا إلى الطير)[٧٩] بالتاء، وقرأ الباقون: بالياء.
قوله: أولم يروا.
حجة الياء: أن ما قبله غيبة، وهو قوله: أن يخسف الله بهم أو يأتيهم العذاب ... أو يأخذهم [٤٥، ٤٦] أولم يروا [٤٨]، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأصحابه قد رأوا ذلك وتيقّنوه.
ومن قرأ بالتاء: أراد جميع الناس، فوقع التّنبيه على الجمع بقوله:(أولم تروا).
قال: كلّهم قرأ: يتفيأ بالياء، غير أبي عمرو، فإنّه قرأ بالتاء: التذكير والتأنيث- في فعل هذا الضرب من الجميع، إذا تقدّم- جميعا حسنان، وقد تقدّم في غير موضع.
فأمّا يتفيّأ، فيتفعل من الفيء، يقال: فاء الظلّ يفيء فيئا، إذا رجع وعاد بعد ما كان ضياء الشمس نسخه، ومنه فيء المسلمين: لما يعود عليهم وقتا بعد وقت من خراج الأرضين المفتتحة والغنائم، فإذا عدّي قولهم: فاء، عدّي بزيادة الهمزة، أو تضعيف العين، فممّا عدّي بنقل الهمزة: ما أفاء الله على رسوله [الحشر/ ٧] وبالتضعيف: فاء الظلّ وفيّأه الله، فتفيّأ: مطاوع فيّأه، فالفيء: ما نسخه ضوء الشمس، والظلّ: ما كان قائما لم تنسخه الشمس، مما يدل على ذلك قوله: ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا [الفرقان/ ٤٥]، فالشمس ينسخ ضياؤها هذا الظل، فإذا زال ضياء الشمس الناسخ للظلّ، فاء الظلّ، أي:
رجع كما كان أوّلا، قال أبو زيد: ظهّر تظهيرا، وذلك قبل