للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو علي: أما من قال: نسقيكم فعلى أن يكون المعنى:

جعلنا ما في ضروعها من ألبانها سقيا لكم. وقد قالوا: أسقيتهم نهرا إذا جعلته سقيا لهم، هذا كأنه أعم لأن ما هو سقيا لهم لا يمتنع أن يكون للشفة، وما للشفة فقد يمتنع أن يكون سقيا، وما أسقيناه من ألبان الأنعام أكثر مما يكون للشفة نسقيكم بالضم فيه أشبه. ومن قال:

(نسقيكم) جعل ذلك مختصا به الشفاء دون المزارع والمراعي فلم يكن مثل الماء في قوله: وأسقيناكم ماء فراتا [المرسلات/ ٢٧].

لأن ذا يصلح لأمرين فمن ثمّ جاء: وسقاهم ربهم شرابا طهورا [الانسان/ ٢١]. وقد قيل: إن سقى وأسقى لغتان. قال الشاعر:

سقى قومي بني مجد وأسقى ... نميرا والقبائل من هلال

«١» ألا ترى أن أسقى لا يخلو من أن يكون لغة في سقى، أو يكون على حدّ: وأسقيناكم ماء فراتا [المرسلات/ ٢٧] وهذا الوجه فيه بعض البعد، لأنه قد دعا لقومه وخاصّته بدون ما دعا للأجنبي الغريب منه.

[المؤمنون: ٢٩]

اختلفوا في ضم الميم وفتحها من قوله عز وجل منزلا [المؤمنون/ ٢٩] فقرأ عاصم في رواية أبي بكر: (منزلا) بفتح الميم وكسر الزاي. وقرأ الباقون وحفص عن عاصم: منزلا بضم الميم وفتح الزاي «٢».

المنزل فيمن ضم الميم منه يجوز أن يكون مصدرا أو يكون


(١) البيت للبيد، انظر ديوانه/ ١١٠ واللسان (سقي)
(٢) السبعة ٤٤٥.