ففي هذا بعث على البصر فيه والتدبر له، والأوّل لهذا المعنى ألزم به وأخصّ.
فأمّا قوله: واذكروه كما هداكم [البقرة/ ١٩٨] فيراد به الذكر باللسان، لأن ضروب الذكر من التلبية وغيرها مندوب إليها، وكذلك قوله: فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا [البقرة/ ٢٠٠] وكذلك ما في القرآن من قوله: ولقد صرفناه بينهم ليذكروا [الفرقان/ ٥٠] أي: ليدبروا نعمة الله عليهم في سقياهم ويشكروه عليها، فأبى أكثر الناس إلا كفورا [الفرقان/ ٥٠]. فقوله: فأبى أكثر الناس إلا كفورا قريب من قوله: وما يزيدهم إلا نفورا [الإسراء/ ٤١] أي: ما يزيدهم تصريفنا الآيات لهم وتكريرها إلا نفورا منهم عنها. فهذا على أنهم ازدادوا كفورا عند تفصيل الآي لهم، لا لأن تصريف الآي نفّرهم، ومثل هذا قوله: وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم [التوبة/ ١٢٥] وكقوله في الأصنام:
رب إنهن أضللن كثيرا من الناس [إبراهيم/ ٣٦] وإنما ضلّوا هم بعبادتها لا أنها هي فعلت بهم شيئا من ذلك، ويدلّ على أنّ التذكر قد لا يكون عن النسيان قوله:
تذكّر من أنّى ومن أين شربه ... يؤامر نفسيه كذي الهجمة الأبل
«١»
[الاسراء: ٤٢، ٤٣، ٤٤]
اختلفوا في الياء والتاء من قوله: آلهة كما يقولون ... عما يقولون ... يسبح [الإسراء/ ٤٢، ٤٣، ٤٤].