أطال الله بقاء مولانا الملك السيد الأجل المنصور وليّ النعم عضد الدولة وتاج الملّة ... فإن هذا كتاب نذكر فيه ... وواضح أنه بالإضافة لما ذكرناه من تقديم هذه النسخة لعضد الدولة فإن في هذه المقدمة ما يدلّ على أن كتاب الحجة قد ألّفه أبو علي قبل سنة ٣٧٢ هـ وهي السنة التي توفي فيها عضد الدولة، وبتحديد أكثر فإنه ألّفه ما بين سنتي ٣٦٧ هـ، وهي السنة التي لقّب فيها عضد الدولة بتاج الملّة، وبين سنة وفاته وهي سنة ٣٧٢ هـ.
كما أن في مقدمته ما يدلّ على منهج أبي علي في كتابه بشكل موجز، وهو أن يذكر ما ثبت عن ابن مجاهد من وجوه قراءات القرّاء في كتابه السبعة، وهم الذين ذكرنا ترجمتهم في أول فاتحة الكتاب.
وقد كان شائعا في عصر أبي علي تأليف العلماء مؤلفاتهم للملوك والرؤساء وذلك لأنه كان لهؤلاء مشاركة في العلوم، ويضربون بسهم وافر فيها، وكانت بلاطاتهم موئلا للعلماء، وكانت أكرم هدية يقدمها هؤلاء العلماء لأولئك الرؤساء ما ينتجونه من عصارة عقولهم، وثمرة قرائحهم، وكان كتاب الحجة أيضا مما أهداه أبو علي للصاحب ابن عباد وأجاز له أن يرويه عنه.
قال ياقوت في معجم الأدباء (٧/ ٢٣٩، ٢٤٠): قرأت بخط سلامة بن عياض النحوي ما صورته: وقفت على نسخة من كتاب الحجة لأبي علي في صفر سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة بالريّ في دار كتبها التي وقفها الصاحب بن عباد رحمه الله، وعلى ظهرها بخط أبي علي ما حكايته هذه: أطال الله بقاء سيدنا الصاحب الجليل، أدام الله عزّه ونصره وتأييده وتمكينه. كتابي في قرّاء الأمصار الذين بيّنت قراءتهم في كتاب أبي بكر أحمد بن موسى المعروف بكتاب السبعة، فما تضمن من أثر وقراءة ولغة، فهو عن المشايخ الذين أخذت ذلك عنهم، وأسندته إليهم، فمتى أثر سيدنا الصاحب الجليل- أدام الله عزّه ونصره وتأييده وتمكينه- حكاية شيء منه عنهم أو عني لهذه المكاتبة فعل. وكتب الحسن بن أحمد الفارسي بخطه.
[موضوعه وطريقته:]
أما موضوع الكتاب فهو الاحتجاج للقراءات وتوثيقها وتوجيهها والتماس الدليل لقراءة كل قارئ من القرّاء السبعة الذين اختارهم ابن مجاهد، وذلك