للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثقافتنا العربية الإسلامية، إذ كان عاملا مهما في نضوجها، كما كان عاملا مهما أيضا في التنافس بين العلماء، وإثبات الذات، ومن هنا كانت مهمة طالب العلم شاقة وصعبة، فهو يسعى دائبا من شيخ إلى شيخ ومن بلد إلى بلد للدرس والتحصيل، فأصبحت الرحلة في طلب العلم ديدن علماء ذلك العصر.

[مولده وموطنه ونسبه:]

تذكر المصادر التي تناولت حياة أبي علي الفارسي- وما أكثرها- أنه ولد في مدينة فسا «١»، وكانت ولادته في سنة ثمان وثمانين ومائتين. قال ياقوت في معجم البلدان [٤/ ٢٦٠]: «فسا بالفتح والقصر، كلمة عجمية، وعندهم بسا، بالباء، وكذا يتلفظون بها، وأصلها في كلامهم الشمال من الرياح، مدينة بفارس أنزه مدينة بها فيما قيل، بينها وبين شيراز أربع مراحل.

قال الاصطخري: وهي مدينة مفترشة البناء، واسعة الشوارع، تقارب في الكبر شيراز، وهي أصحّ هواء من شيراز، وأوسع أبنية ... وهي مدينة قديمة، ولها حصن، وخندق، وربض، وأسواقها في ربضها ... وإليها ينسب أبو علي الفارسي الفسوي».

فهذه المدينة الجميلة هي مسقط رأس أبي علي الفارسي.


(١) ضبطها في الروض المعطار ص ٤٤٢: فسّا: بتشديد ثانيه، مقصور، مدينة من بلاد فارس، أنشد الأصمعي: «من أهل فسّا ودارابجرد» والنسب إليها فسوي، وإليها ينسب أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي الفسوي.
وهذا الضبط لم تذكره المصادر على كثرتها. والملاحظ أن الحميري ضبطه تبعا لما أنشده الأصمعي. وإنني أرى هذا التشديد ضرورة شعرية. والضرورات لا تكون حكما.
ومما يدل على أنه ضرورة شعرية ١ - النسب إلى «فسا» وهو: فسوي فلو كانت فسّا لكان النسب إليها فسّاوي. ٢ - انكسار وزن الشعر برواية التخفيف، إذ لا تستقيم التفعيلة ولوجب أن تكون: على النحو التالي:
«من أهل ف» مستفعل «ساودرا» متفعلن، «بجردي» فعولن.
ولا أعلم في أوزان الشعر القديم وزنا من هذا اللون.
وانظر الأنساب للسمعاني ٦/ ٣٠٥، ولب اللباب في تحرير الأنساب ص ١٩٧ للسيوطي.

<<  <  ج: ص:  >  >>