هذه الأشياء، وإن كانت تدلّ على الكثرة قد تجمع إذا اختلفت أجناسه، قال: وصدقت بكلمات ربها [التحريم/ ١٢] وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن [البقرة/ ١٢٤] فالكلمات في قوله:
وصدقت بكلمات ربها واللَّه أعلم، يراد بها: شرائعه، لأنّ كتبه قد ذكرت.
[غافر: ٢١]
وقرأ ابن عامر وحده: كانوا هم أشد منكم قوة [غافر/ ٢١] بالكاف وكذلك في مصاحفهم.
وقرأ الباقون: أشد منهم، وكذلك في مصاحفهم «١».
من قرأ: أشد منهم قوة فأتى بلفظ الغيبة فلأنّ ما قبله من قوله:
أولم يسيروا فى الارض فينظروا [غافر/ ٢١] من قبلهم، على لفظ الغيبة، فكذلك يكون قوله: كانوا هم أشد منهم قوة على الغيبة، ليكون موافقا لما قبله من ألفاظ الغيبة. فهذا البين.
وأمّا من قال: كانوا هم أشد منكم بعد ما ذكرناه من ألفاظ الغيبة فعلى الانصراف من الغيبة إلى الخطاب، كقولك: إياك نعبد [الفاتحة/ ٤] بعد قوله: الحمد لله [الفاتحة/ ١] وحسن الخطاب هنا، لأنّه خطاب فيما أرى لأهل مكّة، فحسن الخطاب بحضورهم، فجعل الخطاب على لفظ الحاضر المخاطب، وهذه الآية في المعنى مثل قوله: مكناهم في الأرض ما لم نمكن [الأنعام/ ٦] ومثل قوله:
أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها [الروم/ ٩].