للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوجه الثاني أنّه حمل الكلام على المعنى، لأنّه إذا قال:

وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس [المائدة/ ٤٥] فمعنى الحديث: قلنا لهم: النفس بالنفس، فحمل العين بالعين على هذا كما أنه لما كان المعنى في قوله: يطاف عليهم بكأس من معين [الصافات/ ٤٥] يمنحون كأسا من معين، حمل حورا عينا على ذلك، كأنّه: يمنحون كأسا، ويمنحون حورا عينا، وكما أنّ معنى الحديث في قوله:

فلم يجدا إلّا مناخ مطيّة «١» ......

أنّ هناك مناخ مطية، حمل قوله:

وسمر ظماء


(١) هذا صدر بيت لكعب بن زهير من قصيدة في ديوانه ص ٥٢، استشهد سيبويه ١/ ٨٨ بثلاثة أبيات منها، وهو أولها وعجزه:
تجافى بها زور نبيل وكلكل وما بعده من قوله: «وسمر ظماء» قطعة من البيت الثالث منها:
والبيتان بعد الأول هما:
ومفحصها عند الحصى بجرانها ... ومثنى نواج لم يخنهنّ مفصل
وسمر ظماء واترتهنّ بعد ما ... مضت هجعة من آخر الليل ذبّل
قال الأعلم: وصف منزلا رحل عنه فطرقه ذئبان يعتسفانه، فلم يجدا به إلّا موضع إناخة مطيته، وموضع فحصها الحصى عند البروك بجرانها، وهو باطن عنقها، ومواضع قوائمها وهي المثنى لأنّها تقع بالأرض مثنية. والنواجي:
السريعة يعني قوائمها، ووصفها بتجافي الزور لنتوئه وضمرها، فإذا بركت تجافى بطنها عن الأرض والزور: ما بين ذراعيها من صدرها. والنبيل:
المشرف الواسع. والكلكل: الصدر. وأراد بالسمر الظماء: بعرها، ووصفها بهذا لعدمها المرعى الرطب وقلّة ورودها للماء لأنّها في فلاة، ومعنى واترتهنّ: تابعت بينهنّ عند انبعاثها، والهجعة: النومة في الليل خاصة، والذبل: من وصف السمر الظماء.