للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأكن، ألا ترى أنّه يستقيم أن يقع في موضع قوله: لولا «١» أخرتني إلى أجل قريب فأصدق: هلّا أخّرتني إلى أجل قريب أصّدّق، لأنّ هلّا للتحضيض، فكأنّه قال: أخّرتني إلى أجل قريب أصّدّق «٢»، كما تقول: أعطني أكرمك، فلما وقع قوله: فأصدق موضع قوله:

أصّدّق حمل أكن على الجزم الذي كان يجوز في الفعل لو وقع موقع الفاء والفعل الذي بعده، كما أنّ قوله:

أنّى سلكت فإنّني لك كاشح ... وعلى انتقاصك في الحياة وأزدد

«٣» حمل أزدد فيه على الجزم الذي كان يكون في موضع الفعل الذي هو جزاء، فكذلك حمل: ويقول الذين آمنوا على ما كان يجوز وقوعه بعد عسى من أن، ألا ترى أنّ جواز كلّ واحد منهما ومساغه كجواز الآخر وقد جاء التنزيل بهما [قال عزّ وجل] «٤»:

وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم [البقرة/ ٢١٦] وعسى الله أن يكف بأس الذين كفروا [النساء/ ٨٤] فلمّا كان مجازهما واحدا، صرت إذا ذكرت أحدهما فكأنّك ذكرت الآخر، فجاز الحمل عليه.

ووجه آخر وهو أنّه إذا قال: فعسى الله أن يأتي بالفتح [المائدة/ ٥٢] جاز أن يبدل أن يأتي من اسم الله كما أبدلت


(١) في الأصل: (هلا) وصوبت على الهامش.
(٢) في (ط): قال: أخرتني إلى أجل قريب أصدّق. وما في (م) أصوب.
(٣) ورد البيت في معجم تهذيب اللغة للأزهري (أي) ١٥/ ٦٥٣، وعنه في اللسان (أيا) برواية «أيا فعلت» مكان «أنى سلكت». ولم يعز لقائل.
(٤) سقطت من (ط).