وتنحشر إلى موضع، فموضع ما يبهر هو اجتماعها، مع أنّ ذلك ليس في العرف.
وإن حملت قوله: قبلا على أنّه بمعنى، قبل، أي:
مواجهة، كما فسره أبو زيد، فإن قبلا حال من المفعول به، والمعنى: حشرناه مواجهة ومعاينة، وهو في المعنى كقراءة نافع وابن عامر قبلا*: معاينة.
فأما قراءة عاصم وحمزة والكسائي أو يأتيهم العذاب قبلا [الكهف/ ٥٥] فمعناه: مواجهة، ولا يجوز أن يكون القبيل الذي يراد به الكفيل، ولا يمتنع أن يكون جمع قبيل الذي هو الصنف، فيكون المعنى: أو يأتيهم العذاب صنفا صنفا، فمما «١» جاء القبل فيه بمعنى المقابلة قوله: إن كان قميصه قد من قبل [يوسف/ ٢٦] ألا ترى أنه قد قوبل به قوله: قد من دبر [يوسف/ ٢٧].
فأما قوله: أو تأتي بالله والملائكة قبيلا [الإسراء/ ٩٢] فلا يخلو من أن يكون بمعنى الكفيل، أو يكون معناه معاينة، كما حكاه أبو زيد. فإذا حملته على المعاينة كان القبيل مصدرا كالنذير والنكير، وهو في موضع حال من المفعول به، ولو أراد به الكفيل لكان خليقا أن يجمع على: فعلاء كما قالوا: كفلاء، لأنّه في الأصل صفة، وإن كان قد استعمل استعمال الأسماء.
ويدلّ على أن المراد بالقبيل: المعاينة لا الكفيل قوله: وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا