للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أنّ الموصوف بذلك يكون في الضلال أذهب، ومن الهدى أبعد، ألا ترى أن كلّ مضلّ ضالّ، وليس كلّ ضالّ مضلا، لأن الضالّ قد يكون ضلاله مقصورا عليه «١» نفسه لا يتعداه إلى سواه، والمضلّ «٢» أكثر استحقاقا للذم، وأغلظ حالا من الضال، لتحمّله إثم من أضلّه، كما قال: ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة، ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم [النحل/ ٢٥]. وقوله: وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم [العنكبوت/ ١٣]. والمواضع التي فتح فيها الياء من فتح، يسوغ فيها تقدير الإضلال ويستقيم. فقوله: وإن كثيرا ليضلون [الأنعام/ ١١٩]. على تقدير: ليضلّون أشياعهم؛ فحذف المفعول به، وحذف المفعول به كثير. ويقوي ذلك قوله: وما أضلنا إلا المجرمون [الشعراء/ ٩٩] وقال: ربنا هؤلاء أضلونا [الأعراف/ ٣٨]، وكذلك في يونس [٨٨] ربنا ليضلوا عن سبيلك أي: ليضلّوا أشياعهم، ألا ترى أن «٣» في قصّتهم وأضلهم السامري [طه/ ٨٥]، وكذلك أندادا ليضلوا [إبراهيم/ ٣٠] أي ليضلّوا أشياعهم، وكذلك في المواضع الأخر، هذا التقدير سائغ «٤» فيها، وغير ممتنع من هذا التقدير.

فأما قراءة نافع وابن عامر ليضلون بأهوائهم


(١) في (ط): على.
(٢) في (ط): فالمضل.
(٣) سقطت من (ط).
(٤) عبارة (م): وكذلك هذا التقدير في الموضع الآخر، هذا التقدير سائغ.