للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: بوّأت فلانا منزلا تبويئا، والاسم البيئة: فقوله تبوءا في قوله: أن تبوءا «١» فعل يتعدى إلى مفعولين، يدلّ على ذلك قوله: لنبوئنهم من الجنة غرفا [العنكبوت/ ٥٨]، فأمّا اللام من قوله: لقومكما فكالّتي في قوله: ردف لكم [النمل/ ٧٢]، والمفعول الأوّل لعلامة الضمير في قوله:

لنبوئنهم، ألا ترى أن المطاوع من الأفعال على ضربين:

أحدهما: أن لا يتعدّى نحو: انشوى وانثأى «٢»، في مطاوع شويته وثأيته. والآخر: أن يتعدّى كما تعدّى ما هو مطاوع له، وذلك نحو: تعلّقته، وتقطّعته، فتعلّقته يتعدّى كما تعدّى علقته، وليس فيه أن ينقص مفعول المطاوع عمّا كان يتعدّى إليه ما هو مطاوع له. فإذا كان كذلك، كان اللّام على الحدّ الذي ذكرنا، ويقوّي ذلك قوله: وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت [الحج/ ٢٦]، فدخلت اللام على غير المطاوع كما دخل على المطاوع في قوله: أن تبوءا لقومكما.

فأمّا قوله: مكان البيت فيحتمل ضربين: أحدهما: أن يكون ظرفا، والآخر: أن يكون مفعولا ثانيا، فأما الظرف فيدلّ عليه قوله «٣»:


(١) تمام الآية: (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشّر المؤمنين).
(٢) من الثأي وهو خرم خرز الأديم، وثأيت الخرز إذا خرمته (اللسان ثأي).
(٣) وهو ابن هرمة، والأرجح أنه من قصيدته التي مطلعها:
إنّ سليمى والله يكلؤها ... ضنّت بشيء ما كان يرزؤها
انظر معجم مقاييس اللغة ١/ ٣١٢ وشرح أبيات المغني