للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وما خلت أبقى بيننا من مودّة ... عراض المذاكي المسنفات القلائصا

والمعنى: وما أبقى بيننا من مودّة، ألا ترى أن قوله:

أبقى، لا يجوز أن يكون مفعول خلت، وإنما المعنى: وما أبقى بيننا من مودة، فكذلك يكون قوله: وما نراك اتبعك كأنه: وما اتبعك ويكون: نراك اعتراضا؛ فالقول: إن الآية لا تكون كالبيت، لأنّ الفعل قد تعدّى إلى المفعول، ولم يتعدّ في البيت إلى المفعول، فحسن الاعتراض به لمّا لم يتعدّ، كما جاز إلغاؤه في قولهم: زيد ظننت منطلق، ولو ألغيته وقد عدّيته إلى مفعول، لم يجز، وكذلك إذا اعترضت به، فلا يكون قوله اتبعك بمنزلة خلت في بيت الأعشى. فإن قلت: فقد قال آخر «١»:

وما أراها تزال ظالمة ... تحدث لي قرحة وتنكؤها

فعدّى أرى إلى الضمير، وجعل أراها اعتراضا، قيل: لا يكون قوله: نراك بمنزلة قوله: وما أراها، وذلك أن الضمير في أراها يكون كناية عن المصدر فلا يقتضي مفعولا ثانيا، وفي قوله: وما نراك المفعول فيه للخطاب، والخطاب لا يكون كناية عن المصدر فلا تكون الآية في قياس البيت، فلو قلت:


فلا يركبونها إلا إذا قاربوا موضع الغارة حتى لا يتعبوها ويجهدوها لينزلوا بها إلى القتال موفورة القوة والنشاط. انظر ديوان الأعشى/ ١٥١.
(١) البيت لابن هرمة. وهو من شواهد المغني، انظر شرح أبياته للبغدادي ٦/ ٢٢١.