للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يدخل على مثله، ولأنّ الحروف لا تحذف إذا لم يكن فيها تضعيف، فإذا لم يكن الجارّ ثبت أنه الذي على فاعل، وهو مأخوذ من الحشا الذي يعنى به: الناحية. قال الهذليّ «١»:

يقول الذي يمشي إلى الحرز أهله ... بأيّ الحشا صار الخليط المباين

فحاشا: فاعل من هذا، والمعنى أنه صار في حشا، أي:

في ناحية مما قرف فيه، أي: لم يقترفه، ولم يلابسه، وصار في عزلة عنه وناحية، وإذا كان فعلا من هذا الذي ذكرنا، فلا بدّ له من فاعل، وفاعله يوسف، كأنّ المعنى: بعد من هذا الذي رمي به لله، أي: لخوفه ومراقبة أمره.

فأما حذف الألف فيه، فلأن الأفعال قد حذف منها نحو:

لم يك، ولا أدر، ولم أبل. وقد حذفوا الألف من الفعل في قولهم: أصاب الناس جهد، ولو تر ما أهل مكة، فإنما هو:

ترى؛ فحذفت الألف المنقلبة عن اللام، كما حذفت من حاشا من قوله: حاش لله.

ومن حجة الحذف: أنهم زعموا أنه في الخطّ محذوف، وقد قال رؤبة «٢»:


(١) لمالك بن خالد الخناعي ويقال: إنها للمعطل- والحشا: أجواف الأودية- والخليط الذين يخالطون في الدار- والمباين: المفارق المزايل. شرح أشعار الهذليين للسكري ١/ ٤٤٦.
(٢) من أرجوزة له في ديوانه ١٨٧ وقبله:
مسرول في آلة مربّن ... يمشي العرضنى في الحديد المتقن