ويجوز أن تكون «ما» نكرة بمنزلة شيء، ويكون فتى وصفا لها، لأنّها لما كانت كالأسماء المبهمة في إبهامها، وصفت بأسماء الأجناس، كأنه: ربّ شيء فتى لم يكن، فكان كذا وكذا، هذه الأوجه فيها ممكنة.
ويجوز في الآية أن تكون ما بمنزلة شيء، و (يودّ) صفة له وذلك أن ما لعمومها تقع على كلّ شيء، فيجوز أن يعنى بها الودّ، كأنه قال: ربّ ودّ يودّه الذين كفروا، ويكون يودّ في هذا الوجه أيضا حكاية حال، ألا ترى أنه لم يكن بعد، وهذه الآية في المعنى كقوله: فارجعنا نعمل صالحا [السجدة/ ١٢]، وكقوله:(حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون [المؤمنون/ ٩٩] وكتمنيّهم الردّ في قوله: يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا [الأنعام/ ٢٧].
وأمّا قول من قال: (ربما) بالتخفيف، فلأنه حرف مضاعف، والحروف المضاعفة قد تحذف وإن لم يحذف غير المضاعف.
فمن المضاعف الذي حذف قولهم: إنّ، وأنّ، ولكنّ، قد حذف كلّ واحد من هذه الحروف، وليس كلّ المضاعف يحذف، لم أعلم الحذف في ثمّ.
وأمّا دخول التاء في «ربّتما» فإنّ من الحروف ما يدخل عليه حرف التأنيث نحو: ثمّ وثمّت، ولا ولات، قال «١»:
(١) البيت للأعشى ورواية الديوان ص ١١٧: هنالك لا تجزونني .. ولا شاهد فيها. وهو من شواهد سيبويه ١/ ٤٢٣.