قوله: فلا يسرف في القتل: فاعل يسرف يجوز أن يكون أحد شيئين:
أحدهما: أن يكون القاتل الأول فيكون التقدير: فلا يسرف القاتل في القتل، وجاز أن يضمر، وإن لم يجر له ذكر، لأن الحال يدل عليه. فإن قلت: أمر بأن لا يسرف في القتل، والإسراف: مجاوزة الاقتصاد، بدلالة قوله: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما [الفرقان/ ٦٧] أي: كان قصدا بين السرف وأن يقتر، ولا يكون في القتل قصد بين شيئين كما كان ذلك في الإنفاق، قيل: لا يمتنع أن يكون فيه الإسراف كما جاء في أموال اليتامى: ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا [النساء/ ٦] ولم يجز أن يأكل منه على الاقتصاد ولا على غيره. لقوله إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا [النساء/ ١٠] وقال: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن [الإسراء/ ٣٤] فحظر كل مال اليتيم حظرا عاما على جميع الوجوه، فكذلك لا يمتنع أن يقال للقاتل الأول: لا تسرف في القتل، لأنه يكون لقتله مسرفا، ويدلّ على جواز وقوع الإسراف عليه قوله: يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم [الزمر/ ٥٣] والقاتل يدخل في هذا في قوله: إنه كان منصورا، لقوله: ومن قتل مظلوما تقديره: فلا يسرف القاتل المبتدئ في القتل، لأنّ من قتل مظلوما كان منصورا كأن يقتصّ له وليّه أو السلطان إن لم يكن له وليّ