للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله: ولن تبلغ الجبال طولا [٣٧] منه حسن ومنه سيّئ، قال:

(كل ذلك كان سيئة)، فأفرد ولم يضف.

فإن قلت: فكيف ذكر المؤنث في قوله: مكروها فإنه يجوز أن لا يجعله صفة لسيئة، فيلزم أن يكون له فيه ذكر، ولكن يجعله بدلا، ولا يلزم أن يكون في البدل ذكر المبدل منه كما وجب ذلك في الصفة ويجوز أن يكون قوله: مكروها حالا من الذكر الذي في قوله: عند ربك على أن يجعل عند ربك مكروها صفة للنكرة سيئة.

والسيئة والحسنة قد جاءتا في التنزيل على ضربين: أحدهما مأخوذ بها، وحسنة مثاب عليها، كقوله: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها [الأنعام/ ١٦٠] وتكون الحسنة والسيئة لما يستثقل في الطباع أو يستخفّ نحو قوله: فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه [الأعراف/ ١٣١] وكقوله: ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا [الأعراف/ ٩٥] فهذا على الخصب والجدب، وكذلك الفساد قد يكون فسادا معاقبا عليه كقوله: ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين [القصص/ ٧٧] ويكون على ذلك: ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس [الروم/ ٤١] فهذا على الجدب، والبحر: الريف «١» قال:

حسبت فيه تاجرا بصريّا ... نشر من ملائه البحريّا

«٢»


(١) انظر تفسير الطبري ٢١/ ٤٩ وتفصيل ذلك فيه.
(٢) رجز في إيضاح الشعر ٤٩٦ للمصنّف. وهو مما أنشده الأصمعي، قال فيه:
أراد بالبحري: الريفيّ. وفي تهذيب اللغة (بحر) ٥/ ٤١: البيت الأول، برواية: «كأن» بدل «حسبت».